قيود استيراد المحروقات تُقيد سلاسل الإنتاج والتخزين الغذائي في لبنان

حذّرت منظمات نقابية لبنانية من أن استمرار منع استيراد المحروقات بسبب القيود التي يفرضها مصرف لبنان المركزي، تقيد سلاسل الإنتاج والتخزين وتهدد الأمن الغذائي نظرا لانعكاسات ذلك على أسعار السلع، مما يفاقم تدهور قدرة المواطنين الشرائية وأوضاعهم المعيشية. وأطلقت نقابة مستوردي المواد الغذائية صفارات الإنذار من تجاوز الخطوط الحمراء في انعدام الأمن الغذائي، ودعت المسؤولين إلى الإسراع في نجدة القطاع وإمداده بما يحتاجه من مادتي البنزين والمازوت (الديزل) لتأمين استمرارية عمله.

ووضع شحّ الموارد لبنان أمام حقيقة تعايش المواطنين مع خطوة إنهاء دعم الوقود للتحكم في احتياطات النقد الأجنبي التي بلغت مستوى قياسيا من التراجع، بعد أن أعلن مصرف لبنان المركزي أنه لم يعد بمقدوره تمويل الواردات الأساسية بسبب نفاد المخصصات لهذا البند. ونسبت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية إلى رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، قوله في بيان إن “مخزون المازوت لدى الشركات يكفي فقط لأيام معدودة”. وأوضح أن “الأمن الغذائي للبنانيين بات في خطر ضمن نطاق زمني ضيق، نتيجة هذه العوامل الداخلية، وليس لأسباب خارجية تتعلق بعدم القدرة على الاستيراد”.

وأشار إلى أن مختلف حلقات عمل القطاع مهددة بالتوقف بشكل كلي، وخصوصا التوزيع الذي يؤمن المواد الغذائية إلى السوبرماركت والمحلات التجارية، وبالتالي إلى المستهلك. كما لفت بحلصي في البيان إلى عامل آخر أشد خطورة يتمثل بتلف المواد الغذائية التي تحتاج إلى تبريد، بالإضافة إلى أن إعادة تكوين مخزون هذه المواد يتطلب ثلاثة أشهر على أقل تقدير.

وبسبب النقص في النقد الأجنبي وتراجع احتياطي المركزي من العملات الأجنبية وعدم فتح خطوط ائتمان لاستيراد الوقود، يواجه لبنان أزمة خانقة على صعيد توافر المشتقات النفطية. ويقول خبراء إن الدعم تسبب باستنزاف احتياطي العملات الأجنبية لدى المركزي، حيث بلغت كلفته 6.2 مليار دولار خلال العام الماضي.

وتراجعت الاحتياطات النقدية بشكل غير مسبوق منذ أواخر 2019 بسبب الأزمة الاقتصادية، ويبلغ حاليا 16 مليار دولار مقارنة مع أزيد من 30 مليار دولار سابقا. وبدأ المركزي الخميس الماضي بتأمين الاعتمادات اللازمة لواردات المحروقات معتمدا الآلية السابقة إياها، ولكن باحتساب سعر الدولار على الليرة تبعا لأسعار السوق رغم محاولات السلطة الإقناع بالعدول عن هذه الخطوة لأنها ستزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي المتأزم أصلا.

وتعني الخطوة أن أسعار الوقود ستزيد بشكل حادّ كما أنها ستؤذن بالمزيد من الصعوبات لعدد متزايد من الفقراء في بلد خسرت عملته أكثر من 90 في المئة من قيمتها في أقل من عامين، فيما وصفه البنك الدولي بأنه أحد أقسى الأزمات الاقتصادية في التاريخ الحديث.

وأدى القرار الجديد إلى رفع سعر صفيحة البنزين إلى 335 ألف ليرة لبنانية (أكثر من 22 دولارا بحسب سعر الصرف في السوق السوداء)، في حين سيرتفع سعر صفيحة الديزل من 57 ألف ليرة لبنانية إلى 275 ألفا (أكثر من 13 دولارا) مما سينعكس تدريجيا على أسعار كافة السلع والخدمات وأجور النقل.

ووفق لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (إسكوا)، ارتفعت نسبة الفقر في لبنان خلال العام الماضي لتصل إلى حوالي 55 في المئة من عدد السكان، إلا أن التوقعات تشير إلى أن النسبة ستكون مرتفعة أكثر في 2021. ومنذ بداية الأزمة المالية في لبنان، يستخدم البنك المركزي احتياطياته الدولارية لتمويل واردات الوقود بأسعار الصرف الرسمية التي تقل كثيرا عن سعر تداول الدولار في السوق الموازية. وحتى وقت قريب كان البنك المركزي يقدم خطوط ائتمان لواردات الوقود بسعر 3900 ليرة للدولار، مقارنة مع السعر في السوق الموازية الذي بلغ أكثر من 20 ألف ليرة مؤخرا.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةسلطنة عُمان تسرّع خطوات التحوّل إلى الاقتصاد الرقمي
المقالة القادمةالنفط الإيراني… شريان للحياة