“مع بداية آب، ينطلق العد العكسي لتصنيف لبنان السيادي وفق ما ستقرّره مؤسستا التصنيف “فيتش” و”ستاندرد اند بورز”. ويكتسب هذا الحدث اهمية استثنائية بسبب القلق من ان يتمّ خفض تصنيف لبنان الى درجة C، بعدما سبق وخفّضت “موديز” تصنيف لبنان مطلع العام من B- إلى Caa1.
يزور راهناً فريق عمل مؤسسة “فيتش” الدولية للتصنيف الائتماني لبنان ويطّلع عن كثب من المسؤولين على الوضع قبيل اصدار تقريره لتصنيف لبنان في الأسابيع المقبلة. كما تستعد “ستاندرد اند بورز” لأن تصدر تقريرها في 23 آب الجاري.
يبقى السؤال الأهم، ما هي العواقب المتوقعة في حال تمّ فعلاً خفض تصنيف لبنان الى درجة (C)؟
الخبير المصرفي نسيب غبريل دعا الى عدم استباق الامور في ما خصّ تصنيف لبنان السيادي، لأنّ اياً من التقارير لم يصدر بعد. فوكالات التصنيف تعتمد على منهجية معينة، وهدف عملها هو معرفة قدرة الحكومة او اي شركة على تسديد مستحقاتها بالعملات الاجنبية. وفي هذا السياق، لا بدّ من التوقف عند حدث استثنائي حصل في نيسان وايار، عندما دفع مصرف لبنان استحقاقات اليوروبوند مع فوائدها المستحقة بقيمة مليارين و500 مليون دولار من دون ان يُصدر لبنانسندات يوروبوندز في المقابل، وهذه سابقة تحصل للمرة الاولى منذ التسعينيات، وتشكّل خطوة ايجابية جداً انعكست على تراجع حجم الدين العام.
وقال غبريل: “انّ الدين العام بالعملات الاجنبية تراجع بنسبة 10 في المئة بين ايار 2018 وايار 2019 بنتيجة هذه الخطوة، التي اقدم عليها مصرف لبنان الذي تعهّد ايضاً بتغطية كل الاستحقاقات بالعملات الاجنبية في الـ 2019 ومن ضمنها استحقاق يوروبوند بقيمة مليار و500 مليون دولار يستحق في شهر تشرين الثاني المقبل”.
وأضاف: “الى جانب ذلك، ستراقب مؤسسات التصنيف الدولية اداء المالية العامة في الاشهر الخمسة الاولى من العام الحالي التي اصدرتها وزارة المالية، والتي تُظهر تقلّص العجز بنسبة 18 في المئة. وهذا عامل ايجابي ايضاً، اذ لا يمكن ان نكمل بمنحى العام 2018 حيث ارتفعت النفقات بشكل ملحوظ واتسع العجز الى 11 في المئة من الناتج المحلي.
كما ستراقب هذه المؤسسات ما اذا كانت الاجراءات والايرادات التي لحظها مشروع موازنة 2019 قابلة للتحقيق وفق الارقام الموضوعة. وستطلع هذه المؤسسات على وضع القطاع المصرفي، والسيولة التي تتمتّع بها ومستوى الودائع”.
وأكّد غبريل، “انه بالاستناد الى كل هذه المعطيات تبني مؤسسات التصنيف الدولية تقريرها، وبالتالي لا يمكن معرفة رأي المؤسسات مسبقاً، وكل ما يتم الترويج له عن خفض محتوم ليس مبنياً على معطيات معينة انما يستند الى النية بالأذى”.
وعن مدى تأثر المصارف بتراجع التصنيف السيادي للدولة قال: “ان المصارف تتأثر تأثيراً مباشراً بتراجع التصنيف السيادي للدولة لأنّ المصارف تتحمّل مسؤولية الاستقرار النقدي منذ 25 سنة واستقرار المالية العامة بالرغم من الاختلالات. والجهاز المصرفي اللبناني، اي مصرف لبنان والمصارف التجارية، يحمل 75 في المئة من الدين العام، والمصارف التجارية تحمل محفظة حجمها 32 مليار دولار بين سندات خزينة بالليرة وسندات يوربوندز الى جانب ودائعها في مصرف لبنان. وبالتالي، اذا تغيّر التصنيف الائتماني للبنان أكان ايجابياً او سلبياً يتبعه تلقائياً تغيير في تصنيف المصارف”.
وتابعت: “بدوره، اشار الخبير المصرفي مروان مخايل الى انه لا يمكن توقّع التصنيف الذي ستحدّده مؤسسات التصنيف الدولية تجاه لبنان، لكنه لفت الى ان التقريرين الأخيرين لبعض المصارف الاجنبية تجاه لبنان مثل ««مورغان ستانلي» و ««غولدمان ساكس» كانا ايجابيين، مما قد ينعكس ايجاباً على التصنيف، اضف الى ذلك اقرار موازنة 2019، وتراجع عجز الخزينة اقل مما كانت تتوقعه كل المؤسسات الدولية. وفي حال اقرّت موازنة 2020 في وقتها المحدد فهذه كلها عوامل ايجابية ستصبّ لصالحنا.
واعتبر مخايل، انه في حال خفّضت مؤسسات التصنيف الدولية تصنيف لبنان فإن تأثر المصارف اللبنانية بها سيظهر من خلال ارتفاع نسبة المخاطر على محفظة المصارف، وهذا الامر سيتطلب من المصارف رأسمالاً اعلى لتغطية هذه المخاطر”.
وتابعت: “أكّد مخايل انّه اذا جرى خفض تصنيف لبنان السيادي، فإن الخطر الاكبر سيكون على سندات اليوروبوندز التي تحملها صناديق استثمارية اجنبية. هذه السندات مصنفة b فإذا تراجع التصنيف الى c ستسعى الجهات المالكة لهذه السندات الى التخلّص منها، عندها سترتفع الفوائد على اليوروبوندز، وبالتالي اذا ارادت الدولة ان تُصدر سندات “يوروبوندز” ستضطر الى اصدارها بفائدة أعلى، مما سيزيد كلفتها عليها”.