ماذا يعني أن تثبت وكالة فيتش تصنيف لبنان بين “المتعثرين”

أكدت وكالة فيتش للتصنيف الإئتماني مؤخرا تصنيف لبنان عند (آر دي) لاحتمال التعثر عن سداد اصدارات العملة الاجنبية طويلة المدى، وقالت ان لبنان يظل عند “آر دي”بالنسبة للديون بالعملة الأجنبية،بعد اخفاق الدولة في سداد أصل قيمة سندات دوليّة كان تاريخ استحقاقها في 9 اذار 2020 .وأكدت الوكالة تصنيف لبنان عند”تعثر محدود عن السداد” للإصدرات طويلة الأجل بالعملة الاجنبيّة وعند(س س) للعملة المحلية.ولفتت فيتش الى أن تقدم لبنان في الإصلاح واعادة هيكلة الديون يتطلب تضافر أكبر بين النخب السياسية والإقتصادية.

السؤال كيف يتأثر لبنان بتراجع تصنيفه وهو يشهد أصلا أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، خسر معها عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءا كبيرا من دخلهم، وتزامنت مع ازمة سيولة وفقدان الليرة 80% من قيمتها، واحتجزت المصارف ودائع زبائتها بالدولار،بالتزامن مع انخفاض القدرة الشرائيّة للمواطنين مع الارتفاع الجنوني للأسعار، فيما بلغ التضخم في تموز الفائت 500% على أساس سنوي وأكثر من 125% على أساس شهري،مدفوعا بانهيار أسعار الصرف في السوق المحلية،وشحّ الدولارات…

وكانت الحكومة المستقيلة بدأت محادثات في أيار الماضي مع صندوق النقد الدولي بعد التخلّف عن سداد ديون ضخمة بالعملة الأجنبية بسبب تدني الاحتياطات، لكن المفاوضات تعثرت نتيجة التقاعس عن تنفيذ اصلاحات وخلاف داخلي بشأن حجم الخسائر في النظام المالي.

في الأساس حين ينخفض التصنيف الإئتماني في بلد معين يعني أن المخاطر المرتبطةبه ترتفع، وبالتالي إذا أراد احد إعطاء هذا البلد سلفات دين، بات يعلم أن الخطورة صارت أعلى بموضوع قدرة البلد المعني على سداد ديونه وبالتالي الأمر الذي يترتب عن هذا الأمر ان تصبح الفوائد أعلى على سنداتالخزينةوتصبح الدولة مجبرةعلى الانصياع، وحين ترتفع الفوائد على الدين العام ترتفع معها تلقائيا كل الفوائد بالإقتصاد والمقصود الفوائد التي تعطيها البنوك لأنّ ثمّة ارتباطفيما بين المصرف المركزي والمصارف، وما يترتب عن ذلك أن الأستثمار يصبح أصعب وتتأثر الحركة الإقتصادية سلبًا،لأن من يريد طلب قرض للاستثمار تصبح كلفته أعلى بالنسبة له، وبالتالي سيفكّر مرتين قبل الأقدام على الاستثمار، وكل هذا يؤدي على المدى الطويل الى تراجع النمو بمعنى آخر انه أمر سيء، لذلك تسعى كل البلدان لأنْ يكون تصنيفها الإئتماني مرتفع لتتمكن من الاستدانة بفوائد مخفضة من الاسواق العالمية.

لكن، بما أن لبنان لا يستطيع الاستدانةمن الاسواق العالمية لتخلّفه عن سداد ديونه، جاء هذا التصنيف ليؤكد المؤكّد حسب ما يشرح مدير المعهد اللبناني لدراسات السوق د. باتريك مارديني في حديث لـ”النشرة”فيرى ان تراجع تصنيف لبنان غير مستغرب للأخير في ترتيب الدول بل في المرتبة ما قبل الأخيرة،وهذا متأتٍّ عن قدرة الحكومة على سداد ديونها، لكن بما ان الأخيرة تخلّفت عن دفع سندات اليوروبوندز فمن الطبيعي أن يكون تصنيفها سيء،وهنا لا تشير وكالة التصنيف الى خطر ألا تتمكن الدولة اللبنانية من السداد لأنها لم تدفعها بالأساس،ولذلك فإنّ التصنيف غير مفاجئ،خصوصا أن سعر سندات الخزينة بالدولار بالأسواق العالمية بين الـ15الى 20 سنتا لكل دولار؛أيّأنه جارٍ عليها تخفيض 85%، وهذا يعني أن الاسواق تتوقع ألاّ يتمكن لبنان من ردّإلا 15% منها! وإذا كان القطاع المصرفي ينفي هذا الواقع كما كان يفعل في الماضي لكن اليوم لا يمكنه ذلك لأن الدولة لا تدفع،وهو لا يأبه ولن ينتفض، فالبنوك كانت تخشى اذا انخفض التصنيف أن يسارع الناس الى تحويل أموالهم الى الخارج أمّا اليوم لا تسمح لهم بالتحويلوتمارس عليهم الكابيتال كونترول”.

مصدرالنشرة - كوثر حنبوري
المادة السابقة24.4 مليار دولار خسائر قطاع الكهرباء في سوريا
المقالة القادمةغلة الخزينة من بنزين الصقر أكثر من 12 مليار