مسار “معقّد وطويل”… هكذا يصبح لبنان فعلاً “بلداً نفطياً”!

إذا كان احتمال وجود مواد هيدروكاربونية ذات جدوى تجارية لا يزال غير محسوم في المنطقة البحرية التي تشكّل البلوك رقم 9 اللبناني، كما جاء في مسودة الرسالة التي وجّهها الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين للتوافق حول ترسيم الحدود البحرية، فإن تمويل عملية الإستكشاف والحفر بدوره غير محدّد أيضاً في “الرسالة” إذ ان ذلك المسار يتطلب المال الوفير.

وفي هذا السياق، أوضحت الخبيرة في مجال حوكمة النفط والغاز في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا لوري هيتايان لـ”نداء الوطن”، “أن لبنان تترتّب عليه حصّة بنسبة 20% من التكاليف في حين ان شركة “توتال” تسدّد نسبة 80% من إجمالي الكلفة”.

أما في حال اعتبرنا أن “توتال” ستباشر اليوم عملها ولبنان لا يملك الإمكانيات المادية للوفاء بالتزامه، فعندها تقول هيتايان، هناك احتمالان أمام لبنان:

الأول، حيازة شركة نفطية أخرى على حصّة الدولة اللبنانية وهي 20%.

الثاني، الإستدانة من شركة “توتال” على أن تحصّل دينها من الدولة بعد بدء عملية الإستخراج. لذلك فإن مسار استخراج النفط طويل ومعقّد.

والى تلك التعقيدات تضاف عقبات أو تحدّيات أخرى في طريق النفط الطويلة عدّدتها هيتايان وهي:

– أمام شركة “توتال” 3 سنوات لإجراء مرحلة الإستكشاف الأولى بدءاً من اليوم في البلوك 9 في حال اصبح الإتفاق ساري المفعول.

– ضرورة إعلان “توتال” خطة عملها وتجهيز التمويل، وتوفير حفارة لاستخدامها والإعلان عن الفترة التي ستستغرقها تلك العملية، وإعداد دراسة أثر بيئي للبلوك 9 ومشاركة نتائجها مع المواطنين.

وبذلك إن نهاية فترة الـ3 سنوات لا تعني أن الإنتاج سيبدأ بعد تلك الفترة وإنما فقط ستتمّ معرفة ما اذا كان هنالك أثر للغاز في البلوك رقم 9 أم لا.

الى ذلك يبرز التحدّي أو العائق الأهمّ وهو بحسب هيتايان أن “اكتشاف وجود الغاز في حقل قانا لا يعني أنه يمكن لشركة “توتال” أن تبدأ بالإستثمار، اذ لا يمكن اتخاذ القرار النهائي في الإستثمار من الشركة إلا اذا تمّ التوافق نهائياً بينها وبين واسرائيل على تلك المسألة. أما الفترة التي قد يستغرقها ذلك الإجراء فهي غير معلومة، ولكن عند التوافق تعلن “توتال” توافقها مع اسرائيل على تلك النقطة وتنتقل الى مرحلة التطوير والإنتاج”. لذلك لا يمكن تحديد الفترة التي سيستخرج فيها لبنان النفط والغاز باعتبار أن هذا الأمر مرتبط بموافقة إسرائيل عليه.

وقد ورد هذا الأمر في الإتفاقية البند “ه” الذي جاء فيه أن “إسرائيل ومشغّل البلوك رقم 9 يخوضان بشكل منفصل نقاشات لتحديد نطاق الحقوق الاقتصادية العائدة لإسرائيل من المكمن (المخزن) المحتمل. وستحصل إسرائيل على تعويض من مشغل البلوك رقم 9 لقاء الحقوق العائدة لها من أي مخزونات محتملة في المكمن المحتمل؛ لهذه الغاية، ستعقد إسرائيل ومشغل البلوك رقم 9 اتفاقية مالية قبيل اتخاذ مشغل البلوك رقم 9 قرار الاستثمار النهائي”.

وإذا وصلنا الى تلك النقطة عندها تنجز الدراسات وتتبين كلفة إمكانية البيع الى الداخل والخارج، ومن سيعدّ البنية التحتية ومن سيساهم بها أكان لبنان أو شركات أو مصارف.

بعدها نبحث في إمكانية استفادة لبنان من الغاز المستخرج لإنتاج الكهرباء، علماً أن ذلك يتطلب وجود محطات كهرباء، ولحينه لا يمكن بدء إنشاء محطات كهرباء لاستيعاب الغاز اليوم قبل توقيع إتفاقية نهائية مع صندوق النقد الدولي الأمر الذي يتوقف على شروع الحكومة في الإصلاحات.

أما عن مرحلة إعداد البنية التحتية وتمديد الأنابيب، فقالت هيتايان: “يتوجّب تحديد كيفية إنجاز الإمدادات من لبنان الى قبرص ومن قبرص الى مصر أو من لبنان الى سوريا ومن سوريا الى الأردن أو مصر”.

وبالتالي فإنّ كل تلك “التعقيدات” يجب أن تؤخذ بالإعتبار قبل أن نصل الى مرحلة انتاج الغاز والاستفادة من عائداته لكي نحوز فعلاً لقب “بلد نفطي”.

مصدرنداء الوطن - باتريسيا جلاد
المادة السابقةمصارف نحو الإقفال… ما علاقة الهجمات الإرتدادية عليها؟
المقالة القادمةالمبادرة اللبنانيّة للنفط والغاز: للإسراع في تطبيق الإصلاحات الماليّة