مشروع موازنة 2022… تعميق الانهيار المجتمعي

الموازنة يلامس حجمها 50 ألف مليار ليرة بالمقارنة مع 18.7 ألف مليار للعام 2021. الفرق المقدر بحدود 30.7 ألف مليار سيتأتى بشكل أساسي من زيادة الايرادات الضريبية. فالاخيرة ارتفع تقديرها من 10.4 آلاف مليار ليرة في مشروع موازنة 2021 إلى 33.5 ألف مليار في مشروع الموازنة الحالي.

الزيادات طالت مختلف المجالات، لتغطية الزيادات الكبيرة المموهة في النفقات. هي وإن كانت لم توضع في خانة رفع قيمة الضرائب والرسوم في الكثير من المجالات إلا أنها اختلفت بحسب تقييم سعر الصرف. ومع هذا فقد لحقت الزودات الكثير من المعاملات والخدمات منها على سبيل الذكر لا الحصر زيادة الرسوم على إصدار جواز السفر إلى 600 ألف ليرة لمدة 5 سنوات ومليون ليرة لمدة عشر سنوات. إن كان غياب النفقات الاستثمارية عن الموازنة أمراً مفهوماً، فخلوّها من الانفاق الاجتماعي والصحي يثير الكثير من علامات الاستفهام. ولا سيما أن الجهات الدولية المانحة تشدد على إيلاء الشأن الاجتماعي الأولية، نظراً للظروف البالغة الصعوبة التي يمر بها لبنان.

لم تتضمن الموازنة أي تعديل على قيمة الرواتب والأجور، إلا أنها أعطت بالمقابل في المادة (135) «مساعدة اجتماعية لموظفي الإدارات العامة». حيث أعطي جميع موظفي الإدارة العامة مهما كانت مسمياتهم الوظيفية (موظفين – متعاقدين – أجراء – أجهزة عسكرية وأمنية – قضاة – السلك التعليمي بمختلف فئاته، والمتقاعدين) مبلغاً يساوي أساس الراتب الشهري لموظفي الادارات العامة و50 في المئة من المعاش التقاعدي لمدة عام. ما يعني مضاعفة الأجور. والتي يقدر أن تشكل حوالى 24 ألف مليار ليرة من حجم الانفاق.

تضمين الموازنة في المادة (132) تطمينات لأصحاب الودائع الجديدة بالعملة الأجنبية من خلال إلزام المصارف تسديدها بالطريقة عينها التي أودعت بها، وإعفاء الاخيرة من دفع الضرائب على فوائد الودائع الجديدة لمدة 5 سنوات في المادة (96)، تحمل في طياتها تشريع السطو على الودائع القديمة المكونة قبل 17 تشرين الأول 2019. لم تكتف الموازنة بالايحاء «المر»، بل عادت وأكدت عليه في المادة (133) التي نصت على «إعطاء الاجازة للحكومة تحديد سعر تحويل للعملات الأجنبية إلى الليرة اللبنانية من أجل استيفاء الضرائب والرسوم»، وهو ما سينحسب أيضاً على الودائع المحتجزة بالدولار.

في المقابل فرضت الموازنة في المادة (115) بخطوة تهدف في الشكل إلى الحد من الاقتصاد النقدي cash economy، وإلى تعزيز دور المصارف الفاقدة للشرعية في المضمون، اعتماد التوطين لدى المصارف بصورة الزامية من أجل دفع رواتب المستخدمين في المؤسسات والشركات كافة والمدراء والاعضاء.

رفع قيمة ضمان الودائع في المادة (118) في مشروع الموزانة من 75 مليون ليرة إلى 600 مليون يفترض أخذ المشروع في الحسبان إمكانية إفلاس بعض المصارف وتصفية ودائعها. كما كان من اللافت تضمين الموازنة في المادة (95) «إعفاء الشركات الدامجة من ضريبة الدخل على الأرباح لمدة محدودة وضمن شروط.

لحظت المادة 126 الطلب من الادارات والمؤسسات العامة والمشاريع المشتركة والمختلطة تزويد وزارة المالية بالمعلومات التي تملكها عن موجودات الدولة العقارية وغير العقارية. وهذا ما فهم انه تقييم ميداني، تحضيراً لعمليات بيع أو خصخصة.

سلف الكهرباء زادت بدورها فارتفعت من 1500 مليار ليرة سنوياً إلى 5250 ملياراً. على خط مواز وبدلاً من تحصين معقل الصمود الإجتماعي الأخير لثلث الشعب اللبناني، المتمثل بالضمان نصت المادة (124) على تقسيط الديون والفوائد كافة المتوجبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على الدولة لغاية نهاية 2021 على أقسام متساوية لمدة 10 سنوات، على ان يبدأ التقسيط قبل نهاية شهر أيلول من العام الحالي.

القراءة الأولية تظهر أن مشروع الموازنة تضمن:

– رفع الضريبة على شركات «الأوف شور» سنوياً من 1.5 مليون ليرة إلى 10 ملايين ليرة.

– زيادة الحصص على رسم الانتقال.

– إعفاء السيارات الهجينة وعلى الكهرباء من الجمارك.

– رسم مقطوع 3 في المئة على تسجيل العقارات.

– ضرب القيمة التأجيرية بـ 48 مرة بعدما كانت 12 مرة.

– إلى جانب هذه الضرائب فقد نصت المادة (84) على استيفاء الرسوم في دوائر المفاوضات السياسية والقنصليات بالدولار الأميركي أو بعملة البلد الذي تتواجد فيه.

– فرضت المادة (81) رسماً جمركياً قدره 10 في المئة لمدة 7 سنوات على السلع والبضائع التي يتم استيرادها، إذا كان يصنع في لبنان مثيل لها وبكميات تكفي الاستهلاك المحلي.

– أعفت المادة (79) الأجهزة والمعدات التي تعمل على الطاقة الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية التي يتم استيرادها من تاريخ نشر هذا القانون ولغاية نهاية 2024 من الضريبة على القيمة المضافة ومن الرسوم الجمركية، بما فيها الحد الأدنى للرسم الجمركي والرسم المقطوع بقيمة 3 في المئة.

– طبقت المادة (78) رسماً مقطوعاً قدره 3 في المئة لمدة 10 سنوات على المستوردات الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة، باستثناء مادة البنزين والمعدات الصناعية والمواد الأولية المستعملة للصناعة والزراعة، بصرف النظر عما إذا كان المستورد يتمتع باعفاء من الرسوم الجمركية أو من الضريبة على القيمة المضافة.

كل هذه الضرائب والرسوم ستنعكس في النهاية مزيداً من انخفاض قدرات المواطنين الشرائية، وفي ظل غياب السياسات الاجتماعية فان المواطنين سيئنون تحت المزيد من الأعباء والاكلاف المعيشية.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةكهرباء الأردن وغاز مصر قبل الربيع: العبرة في التمويل!
المقالة القادمةموازنة “تعميق الإنكماش”: منصّة “التوقيع الثالث”!