مصافي النفط العالمية أمام أزمة كبرى وأرامكو أكبر الخاسرين

واجه شركات المصافي العالمية أكبر أزمة في تاريخها خلال العقد الجاري، إذ إنها شرعت في توسعات ضخمة خلال الأعوام الأخيرة على أساس أن الطلب على المشتقات النفطية سيتضاعف مع التوقعات المتفائلة للنمو العالمي على الوقود خلال عقد العشرينات.

لكن هذه الشركات فوجئت بضربتين خلال العام الجاري 2020، الأولى بالتفشي الواسع لجائحة كورونا التي أجبرت العديد من الدول الكبرى على إغلاق اقتصادها وحدودها وشددت من إجراءات العزل الاجتماعي والتنقل، كما توقفت الحركة الجوية تقريباً خلال الربع الثاني من العام، ثم تلتها الموجة الثانية من جائحة كورونا التي رفعت الإصابات العالمية إلى نحو 60 مليون إصابة وربما تغلق الاقتصادات العالمية لفترة مماثلة.

أما الضربة الثانية فتمثلت في خسارة الرئيس دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية وفوز المرشح الديمقراطي جو بايدن الذي وضع برنامجاً للتحول نحو الطاقة النظيفة في بلاده وأعلن عودته إلى اتفاقية باريس للمناخ التي تحد من الغازات الملوثة للجو، وهو ما يعني أن استخدامات المشتقات النفطية ستتراجع لصالح بدائل الطاقة النظيفة.

وحسب تقرير لنشرة “أويل برايس” الأميركية، فإن صناعة المصافي ستواجه خلال الخمس سنوات المقبلة حتى العام 2025 مجموعة من التحديات قد تجبر عددا منها على الإغلاق أو مواجهة الإفلاس. وتقدر النشرة في تقريرها، أن تبلغ الطاقة الإنتاجية الفائضة للمصافي، مقارنة بتوقعات الطلب العالمي على المشتقات النفطية نحو 13 مليون برميل يومياً بحلول العام 2025.

وهنالك العديد من المصافي الجديدة في آسيا التي استثمرت فيها عشرات المليارات ستدخل مرحلة الإنتاج خلال الخمس سنوات المقبلة.

وفي المقابل فإن المصافي التي سيتم إغلاقها خلال هذه الفترة، بين العام الجاري 2020 وحتى العام 2025، تقدر طاقتها بنحو 3 ملايين برميل يومياً، وهو ما يعني أن العالم سيواجه طاقة فائضة من المشتقات تقدر بنحو 10 ملايين برميل في العام 2025.

وبنت نشرة “أويل برايس” توقعاتها للطاقة الفائضة على أساس أن العالم سيتمكن من القضاء على جائحة كورونا وإعادة الطلب العالمي على النفط إلى وضعه الطبيعي.

وفي ذات الصدد ترى نشرة ” بتروليوم إيكونومست”، أن الأسواق الاستهلاكية في العالم لن تتمكن من امتصاص الطاقة الفائضة من مشتقات المصافي.

ومن المتوقع أن تكون أرامكو السعودية من بين ضحايا طاقة المشتقات النفطية الفائضة، إذ إنها على وشك افتتاح مصفاة جازان الجديدة التي تقدر طاقتها الإنتاجية بنحو 400 ألف برميل يومياً، كما أنها تخطط لافتتاح مصفاة رأس تنورة المتخصصة في الديزل قليل الكبريت في العام المقبل 2021.

وكانت السعودية استثمرت بكثافة في المصافي النفطية خلال الأعوام الماضية، على أساس أن المنتجات المكررة سترفع من دخلها مقارنة ببيع الخامات غير مصفاة. ومن المتوقع أن ترتفع طاقة مصافي دول الخليج والعراق بنحو 1.8 مليون برميل يومياً بحلول العام 2025 وفقاً لتقديرات نشرة بلاتس العالمية.

ولدى شركة أرامكو السعودية، ثماني مصافي تكرير محلية، حيث تتيح عمليات التكرير لشركة تحويل خاماتها منتجات مكررة ومواد كيميائية لبيعها في السوق المحلية وتصديرها إلى الأسواق العالمية.

وحسب نشرة أرامكو، فإن الشركة كانت تخطط لبيع نحو 25 في المائة من إنتاجها من النفط الخام، أو ما يقدر بنحو 2.6 مليون برميل يومياً إلى مصافيها في المملكة بهدف رفع الطاقة التكريرية إلى أكثر من 5 ملايين برميل يومياً خلال العقد الجاري.

كما يخطط العراق كذلك لرفع الطاقة التكريرية إلى 1.14 مليون برميل يومياً خلال العامين المقبلين وفقاً لتصريحات وزارة النفط العراقية في سبتمبر/أيلول الماضي. لكن الفرق بين العراق والسعودية، أن العراق يواجه نقصاً في الطاقة التكريرية ويستورد المشتقات، أما السعودية فإنها تتوسع على أساس التصدير.

وفي مقابل التوسع في الطاقات التكريرية في المنطقة العربية، فإن دولا استهلاكية كبرى في آسيا والولايات المتحدة واليابان تخطط لإغلاق مصاف في الأعوام المقبلة.

وتقدر طاقة المصافي التي سيتم إغلاقها بنهاية العام الجاري بنحو 950 ألف برميل يومياً، أكبرها في أوروبا وأميركا، إذ تقدر نشرة ” أويل برايس” أن طاقة المصافي التي ستغلق في أوروبا وأميركا ستصل خلال العام الجاري إلى نحو 760 الف برميل يومياً.

دلالات

مصدرالعربي الجديد
المادة السابقةروجر فرغسون… أول مرشح من أصل أفريقي لرئاسة “المستشارين الاقتصاديين الأميركيين”
المقالة القادمةالأزمة الاقتصادية والفقر ينعشان المهن الجوالة في لبنان