مصر: تقنين الإستيراد بسبب شحّ الدولار

طالب البنك المركزي المصري البنوك العاملة في البلاد بإجراء حصر لحجم طلبات الإستيراد المتوقعة للأشهر الستة المقبلة، بهدف تحديد حجم الطلب المتوقع على العملة الصعبة، وفقاً لثلاثة مصادر مصرفية تحدثت لـ»اقتصاد الشرق».

يأتي طلب المركزي بعدما أفرجت الحكومة المصرية عن بضائع بقيمة 1.5 مليار دولار خلال الأيام العشرة الأولى من العام الحالي، و3 مليارات دولار خلال أيام الأربعاء والخميس والأحد الماضية، ليصل إجمالي ما تمّ الإفراج عنه منذ مطلع كانون الأول 2022 إلى 8.5 مليارات دولار.

أحد المصادر قال لــ»الشرق» إن «المركزي طلب شفهياً من البنوك إرسال قائمة بطلبات فتح اعتمادات مستندية آجلة لمدة 180 يوماً من تاريخ 17 كانون الأول كأقلّ تقدير، بالإضافة إلى مستندات التحصيل بحدّ أقصى 500 ألف دولار، مع استبعاد الشحنات ذات الدفعات المقدمة».

تراكمت البضائع المصرية بالموانئ منذ عدّة أشهر وسط شحّ العملات الأجنبية المطلوبة لإخراجها، وكان ذلك قبل أن يبدأ المركزي والبنوك المحلية بخطة لتوفير تلك العملات منذ مطلع الشهر الماضي وحتى الآن.

مصدرٌ آخر أكّد أن «البنوك انتهت من توفير الدولار للشحنات الصغيرة المحتجزة في الموانئ، وبدأت بتوفيره للشحنات التي تقارب 250 ألف دولار»، مضيفاً أن البنك المركزي «وافق منذ يومين على فتح اعتمادات مستندية لاستيراد مستلزمات الإنتاج للمرة الأولى منذ بداية العام».

أحد كبار مستوردي الأجهزة المنزلية في مصر قال لـ»الشرق» إن «الدولار متوفر إلى حدّ كبير بالبنوك الآن، خرجت لنا أكثر من شحنة كانت موجودة بالموانئ منذ وقت طويل، لا نحتاج إلى السوق الموازية الآن، الجميع متخوّف من هذه السوق الآن ومتوقف ليرى السعر الذي سيسجله الدولار بالبنوك رسمياً في نهاية المطاف».

السوق السوداء

على صعيد آخر، أصيبت السوق الموازية للعملة في مصر بالشلل خلال الأيام القليلة الماضية وحتى الآن، بالتزامن مع حملات مكثفة للشرطة على تجار العملة والقبض على بعضهم، ومع سماح البنك المركزي المصري للعملة المحلية بالتحرك مجدداً، قبل 10 أيام، ليهوي سعر الصرف إلى 32 جنيهاً مقابل الدولار، قبل أن يستقر عند 29.55 جنيهاً للدولار بنهاية تعاملات الثلاثاء الماضي.

تعاني مصر شحّاً شديداً بالعملة الأجنبية منذ اندلاع الأزمة الروسية – الأوكرانية، ورفع أسعار الفائدة الأميركية على مدار العام الماضي، ما أدّى إلى خروج أكثر من 22 مليار دولار من الأموال الساخنة الأجنبية المستثمرة بأدوات الدين، قبل العودة مجدداً على نحو طفيف خلال الأيام القليلة الماضية.

أربعة متعاملين في السوق الموازية قالوا إن هناك حملات قوية من الأمن المصري على تجار العملة في أماكن متفرقة وتم إلقاء القبض بالفعل على بعض منهم. كانت السوق الموازية للعملة ازدهرت في مصر خلال النصف الثاني من 2022 وسط شحّ شديد في السيولة الدولارية بالبنوك المحلية، وخروج المستثمرين الأجانب من أدوات الدين الحكومية، وتراجع تحويلات المصريين في الخارج.

السوق الموازية

أحد المتعاملين قال لـ»الشرق» إن التعامل في السوق الموازية أصبح نادراً الآن منذ تراجع الجنيه إلى 32 للدولار، «حركة البيع والشراء توقفت بشكل شبه تام».

رصد البنك المركزي المصري 4 ممارسات غير مشروعة في سوق النقد الأجنبي نهاية الشهر الماضي، معتبراً أنها تستهدف زعزعة الاستقرار النقدي والمالي للبلاد، عبر محاولة البعض تحقيق أرباح سريعة بطرق غير صحيحة، كان منها استخدام بطاقات الائتمان في الخارج، وتداول سلع داخل السوق المحلية بالعملة الصعبة، فضلاً عن مخالفات مرتبطة بتحويل الأموال من المصريين في الخارج عبر قنوات غير مصرّح بها.

أمّا رابع التجاوزات، فتمثل في تأسيس البعض شركات ذات طبيعة خاصة خارج البلاد، لا سيما في نشاط الوساطة في مجالي التصدير والسياحة، بهدف الاحتفاظ بالنقد الأجنبي خارج السوق المصرية.

وتراكمت البضائع المصرية بالموانئ منذ عدة أشهر وسط غياب العملات الأجنبية المطلوبة لإخراجها، وكان ذلك قبل أن يبدأ المركزي والبنوك المحلية بخطة لتوفير تلك العملات الصعبة.

توفير هذه الأموال كان نتاج تحركات البنك المركزي لتخفيف قبضته عن الجنيه، إذ أعلن أن المستثمرين الأجانب بدأوا الدخول لسوق الدين المصرية «مرّةً أُخرى»، خلال الأيام القلية الماضية، بمبالغ تخطت 925 مليون دولار.

شروط الصندوق

وكشف برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي قدّمته مصر لصندوق النقد الدولي عن عدد من الإلتزامات التي تعهد كلّ من الحكومة والبنك المركزي بها، من أهمّها تحقيق تكافؤ الفرص بين القطاعين العام والخاص من خلال العمل على وقف الإعفاءات الضريبية التي تتمتع بها شركات الدولة والجيش، وصولاً إلى ضمان أن تدفع هذه الشركات أسعار الكهرباء والمياه نفسها المفروضة على الشركات الخاصة.

يضمن البرنامج أيضاً، أن تعكس أسعار الوقود المحلية الأسعار العالمية، وعدم خفض أسعار الوقود حتى إذا اقترحت ذلك آلية التسعير التلقائي (التي تعتمد بالأساس على التغير الفصلي في أسعار النفط والصرف)، حتى تستعيد الحكومة الدعم الإضافي الذي قدّمته في الفترة الماضية بتثبيتها الأسعار.

توقع مسؤول حكومي أنَّ «أسعار المواد البترولية تنتظر زيادة جديدة خلال مراجعة لجنة التسعير التلقائي القادمة التي تعقد 4 مرات في العام، وذلك نتيجة تغيير أسعار الصرف. في حال استمرار أسعار المواد البترولية عند المستويات الحالية محلياً من المتوقع ارتفاع قيمة فاتورة دعم المواد البترولية لتتخطّى حاجز 100 مليار جنيه في السنة المالية الحالية 2022-2023».

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةبشرى من وزير الزراعة لمزارعي عكّار: مسعى لفتح أسواق الخليج للتصريف
المقالة القادمة“دولار الـ 1500” يموت رسمياً