من يُعيد الـ”وات مان” إلى محطة التحويل؟

هناك، في البترون، إرتفعت في الأيام الثلاثة الماضية الأصوات عالياً بعدما شغرت محطة التحويل من «المحوّلين» ولفّت القرى في ساحل ووسط البترون العتمة الدامسة طوال 48 ساعة متواصلة. هناك، في تلك البلاد البترونية، كما في كثير من جنبات لبنان، من كانوا يؤمنون بأنه «بدل لعن الظلمة يجب إشعال شمعة» لكن حتى الشموع ذابت وانتهت!

فلنبدأ من صراخ أهالي البترون في كل الإتجاهات: بدنا يا ظالمين كهربا. ليسوا وحدهم بالطبع من يريدون الكهرباء والمياه والإنترنت والخبز والمازوت والدواء لكن مشكلتهم الجديدة «سخيفة» وقد لا تخطر في بال. ففي محطة التحويل هناك، المحطة المسماة باسم الريجي لوقوعها بالقرب من الريجي أربعة موظفين غادر منهم ثلاثة وبقي واحد وهم: سايد مارون من كفرعبيدا (تقاعد منذ شهر) وفادي أبي فاضل من بقسميا انتقل الى عمشيت وجورج يوسف من كور وايلي نجم من شبطين (إنتقل على ما يبدو الى محطة أخرى)، يأتي إبن كور الوحيد الصامد 24 ساعة ويغيب 24 ساعة بحسب دوام عمله يُحول الكهرباء ويغادر فتنقطع عن قرى بالكامل.

أحد أبناء البترون الفاعلين تدخل «للمصلحة العامة» على ما قال متحدثاً عن «إتصال مباشر مع وزير الكهرباء الذي طلب من كمال حايك الإهتمام المباشر لأن «التحويل» من صلاحية مدير عام كهرباء لبنان. وورده أن الموظفين لا يعملون كالسابق لأن معاشاتهم أصبحت قيمتها «بالأرض» وهم يهددون بالإستقالة إذا ضغطت الإدارة عليهم.

والحلّ؟ بدأ الناشطون يحكون رأسهم كثيراً بحثاً عن حلول وانتهوا الى ان ذلك دور الهيئات المحلية وفي طليعتها اتحاد البلديات. فلتتدخل. هنا فكر الناشطون بتأمين المال من متبرعين يريدون ان يدعموا على ان يعطى موظفو محطات التحويل أجراً إضافياً ليأتوا الى مكان عملهم. وعلى ما يبدو أعجبت الفكرة مدير عام الكهرباء الذي أعلن عن تأمين موظفين الى محطة الكهرباء بأجرٍ إضافي من «مال المتبرعين» وبالفعل أتى موظف نهار الأحد وحوّل الكهرباء وغادر.

هي مهمة جد بسيطة «إطفاء المخرج» و»إضاءة المخرج» لكن لا «واط مان» ينفذ العملية. فهل يعقل أن يكون العمل يدوياً في القرن الواحد والعشرين؟ سؤال طرحناه على غسان بيضون (مدير عام الإستثمار في وزارة الطاقة والمياه سابقاً) فقال: «التحويل يتمّ يدوياً وأسوأ ما يشعر به الناس هو التحايل في التحويل والتوزيع، حيث هناك من يقطعها عن مخرج ويعطيها الى مخرج، وهذا ما قد يتسبب بالإخلال بالتوازن على الشبكة وهو ما يسمى «الإظلام التام» black out. لذا يفترض وجود أشخاص «وات مان» في المحطات لكن كثراً من هؤلاء «فلوا».

خبير محطات التحويل سمير باز يراقب كل ما حصل وما يحصل وما قد يحصل. فما رأيه بكل ما سمعناه من «خلل في تحويل الكهرباء» في منطقة ينتمي إليها؟ يجيب «هناك في البترون محطتا تحويل في الريجي وبقسميا. والمحطة الثانية في بقسميا جديدة «نقالة» يمكن تغيير مكانها. أما مهمة الـ»وات مان» فهي كما مهمتنا أمام جهاز «ديجنكتور» في المنزل، حين نضيء الصالون قد نُطفئ المطبخ، وحين نضيء المطبخ قد نُطفئ غرفة النوم، وهذا ما يحدث يدوياً. هذا نفسه ما يفعله موظفو محطة التحويل. وإذا احتاجت المنطقة الى تصليحات يتصل عمال Bus بالموظف المداوم ويطلبون منه إطفاء المحول. مناورة التحويل والتصليح تتم بين الجهتين. ويستطرد: كانت هناك غرفة dispatching في الطبقة الثامنة والتاسعة والعاشرة في مؤسسة كهرباء لبنان دورها «التحكم بالكهرباء» عن بعد لكنها تهدمت. كانت تضم تلك الغرفة موظفي رصد ومراقبة monitoring لكن بعد الإنفجار إنتهى دور تلك الغرفة. لهذا بدأت تزيد الإرتكابات الخاطئة في المحطات خصوصاً بعد إشتداد الأزمات الإقتصادية والمالية».

موظف «وات مان» مهمته جد بسيطة، خفض الديجنكتور أو رفع الديجنكتور، لكن فعالية ما يقوم به كبيرة. ومثل هذا الموظف امثلة في كل الدولة اللبنانية اللهمّ أن يبقى فيها من هو قادر على «تحويل الديجنكتور» في الإتجاه الصحيح.

 

مصدرنداء الوطن - نوال نصر
المادة السابقةالتعميم 161… المضاربون يربحون والباقون يخسرون
المقالة القادمةالجليد يبدّد آمال المزارعين: كارثة حلّت بالمواسم