موازنة 2022… هنا “نسخنا”… وهنا “لصقنا”

كثرة الحديث عن تسلم الحكومة أو رئيسها فقط، موازنة 2022 في غضون ساعات قليلة يرسم 3 سيناريوات: أن تكون قد وضعت بناء على الخطة، ولم يجر التصريح علانية عن الأخيرة لسبب ما. أن تكون الموازنة معدة بعيداً عن الخطة الاقتصادية، وتمثل استمراراً للنموذج القديم. وإما أن تكون الموازنة شكلية، هدفها كسب الوقت واستمرار المماطلة السياسية أكثر منها تصويب الوضع الاقتصادي.

مختلف الاحتمالات ترجّح كفة الخيارين الثاني والثالث، مع استبعاد صريح لان تكون متوافقة مع الخطة الاقتصادية التي على أساسها سيتحدد سعر الصرف، وحجم الخسائر وكيفية توزيعها، وتخفيض نسبة العجز من الناتج المحلي الإجمالي، واعادة هيكلة الاقتصاد والمؤسسات، ووضع رؤية واضحة لحجم النفقات والايرادات… “فمنذ التسعينات ولغاية اليوم تأتي الموازنات “نسخة طبق الأصل” عن بعضها البعض مع القليل من التعديلات”، يقول عضو لجنة المال والموازنة النيابية النائب فؤاد مخزومي، “وعادة ما تكون غير مبنية على الواقع والتخطيط المستقبلي، إنما على معلومات تاريخية، بشكل أنها تأخذ ما تم تحصيله وإنفاقه سابقاً ووضع بعض الإضافات عليها التي تتلاءم مع مستوى التضخم”. و”الأخطر أن الموازنات السابقة، وتحديداً من بعد العام 2018 التي درستها اللجنة تضم ألغاماً كثيرة، عادة ما تحاول الحكومات تمريرها”.

أكثر من ذلك فان الرئيس نجيب ميقاتي وعد الجانب الفرنسي بسلة من العقود الاستثمارية، “كان من نتيجتها صحوة “الميدل ايست” لاقرار الموازنات منذ عشر سنوات، واقتراح وزير الاشغال العامة تعديل قانون الشراكة بين القطاع العام والخاص PPP، هذا بالاضافة إلى عقد إعادة ترميم وتفعيل المرفأ. هذا بالجانب الاقتصادي، أما في الجانب السياسي فان الهدف من الموازنة هو تبرير فتح العقد الاستثنائي لمجلس النواب من أجل تأمين الحماية اللازمة للنواب المطلوبين للتحقيق في قضية تفجير المرفأ”.

إنطلاقاً من هنا فان تمرير الموازنة المتأخرة هو تلبية لاجندات خاصة وليس لمصلحة الاقتصاد، والأكيد أنها لن تتوافق مع متطلبات صندوق النقد الدولي ولن تحوز على موافقته. رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية والخبير السابق في البنك الدولي منير راشد ومن موقف مبدئي، يعتبر أن “الموازنة التي يجري تحضيرها يجب أن تتوافق مع متطلبات البرنامج مع صندوق النقد وليس مع الخطة. فالاخيرة هي سمة من سمات البلدان الاشتراكية والشيوعية، فيما صندوق النقد عندما يتعامل مع الدول المأزومة لا يضع لها خطة إنما برنامجاً. هذا من حيث الشكل أمّا في المضمون فيفترض راشد، مما توفر من معلومات، أن مشروع الموازنة غير متوافق مع برنامج صندوق النقد للأسباب التالية:

– إستمرار استعمال الموازنة سعرين للصرف.

– عدم إصلاح قطاع الكهرباء، ما يعني استمرار الدعم لقطاع الطاقة.

– إستمرار التوقف عن سداد الفوائد المترتبة على الدولة للدائنين عن الموازنة وانكار التوقف عن سداد الديون.

– عدم شموليتها وهو مبدأ أساسي من مبادئ الموازنة.

– عدم إظهار ومعالجة ديونها الكثيرة، ولا سيما تلك التي تعود إلى الضمان الاجتماعي (تفوق 5000 مليار ليرة).

اذا كانت هذه المعلومات غير متوفرة في مشروع الموازنة، فـ”لن تكون لها أي قيمة فعلية على صعيد ضمان حسن سير المفاوضات مع صندوق النقد الدولي”، برأي راشد. وهي ستثير أسئلة اكثر مما ستقدم من أجوبة.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةالطلب على الليرة ينخفض في لبنان.. فتُهَرَّب إلى العراق!
المقالة القادمةالخبز بالرغيف والخضار والفواكه بالحبّة