هذا ما صارح به رئيس بعثة صندوق النقد المسؤولين

كثيرة هي الأسئلة المتداولة بعد الإتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي، وأبرزها هو مصير هذا الإتفاق بالدرجة الأولى، وهل سيكون مشابهاً لمصير مؤتمر “سيدر”، أو ما قدرته على إطلاق مسيرة الخروج من الأزمة بالدرجة الثانية، وماذا عن ساعة الصفر لتطوير الإتفاق إلى برنامج تمويلي؟

عن هذه التساؤلات، يجيب الكاتب والخبير الإقتصادي أنطوان فرح، الذي يؤكد بأن “مسيرة التعافي لم تبدأ مع توقيع الإتفاق الأولي مع بعثة صندوق النقد الأسبوع الماضي، لكنه يكشف أن هذه الخطوة إيجابية، وهي أفضل بكثير من أن يغادر وفد الصندوق من دون هذا التوقيع، لأن الوضع كان سيكون أسوأ مما هو عليه اليوم، على الأقلّ من الناحية المعنوية”.

وقال فرح لـ “ليبانون ديبايت” إن “توقيع الإتفاق هو أقلّ من خطوة أولى في مسيرة طويلة، وليس من المؤكد أنها ستصل إلى النتائج المرجوة، وذلك بعد التجارب السابقة منذ مؤتمرات باريس إلى مؤتمر “سيدر”، والذي بقي معلقاً، ولم تصل المساعدات المخصّصة للبنان بسبب عدم التزام الحكومات المتعاقبة بتنفيذ الإصلاحات، وبالتالي، فمن الصعب الحديث اليوم عن توقعات بحصول أي تقدّم على هذا الصعيد، خصوصاً أنه ما من مؤشرات على وجود أي تغيير في النهج الحالي من قبل الحكومة بالتوجّه نحو خطوات إصلاحية جدّية”.

واللافت على هامش خطوة التوقيع، يشير فرح، هو أن “إدارة الصندوق قد خفّضت من سقف الشروط المسبقة التي كانت حدّدتها لعقد اتفاقٍ مبدئي، ومن بينها على سبيل المثال، إقرار قانون الكابيتال كونترول وموازنة العام 2022، أو الموافقة على عدم طرح خطة التعافي “الغامضة” على الهيئات الإقتصادية، كما على المواطنين، من أجل الحصول على دعمهم وتأييدهم، وكذلك قرّرت، وفي تنازلٍ واضح، إضافة هذه الشروط المسبقة على لائحة الشروط المؤجّلة، بمعنى الإكتفاء بوعد من السلطات اللبنانية بتنفيذها لاحقاً، قبل موافقة إدارة الصندوق على برنامج التمويل، مع العلم أن تخفيض الشروط وتأجيلها، لا يؤثر على الإتفاق النهائي، لأنها تبقى مطلوبة للموافقة على برنامج تمويل، وبالتالي، ستكون المعادلة “لا تمويل من دون تلبية الشروط”.

وعن أسباب هذا التنازل من صندوق النقد، يُلاحظ فرح، أن “السبب الأساسي يرتبط أولاً بحرص الصندوق أو المجتمع الدولي، على عقد الإتفاق مع لبنان بأي ثمن لمنع الإنهيار التام للبلد، ويعكس ثانياً موقف المجتمع الدولي المتعاطف مع لبنان، وقراره بإنقاذ لبنان “ولو رغماً عنه”.

ويضيف، إن “المشكلة التي برزت في الماضي ولا تزال قائمة اليوم، ورغم الأزمة، تنحصر في أن السلطة اللبنانية، غير مبالية أوغير قادرة على تسهيل وصول هذه المساعدة الدولية إلى اللبنانيين، ولذلك، عليها أن تبادر إلى تحضير الأرضية المطلوبة، وبشكلٍ سريع، بعد الإنتخابات النيابية، على أمل أن يسمح المشهد السياسي والإقتصادي بتلبية وتنفيذ الإصلاحات المالية والإدارية، ووضع التشريعات الضرورية مالياً واقتصادياً”.

وعن تكرار تجربة فشل مؤتمر “سيدر”، وخسارة لبنان 11 ملياراً من الدعم، لا يخفي فرح أن هذا وارد، مذكّراً “بما قام به السفير الفرنسي بيار دوكان، عندما خفّض مستوى الشروط إلى حدّ الإكتفاء بمطالبة السلطات اللبنانية فقط بتشكيل هيئة ناظمة للكهرباء، مقابل البدء في الإفراج عن الأموال، ولكن السلطة امتنعت عن تنفيذ هذا المطلب”.

وفي هذا الإطار، يكشف فرح، عن أن “رئيس بعثة صندوق النقد إرنستو راميريز ريغو، صارح المسؤولين، بأنّ الصندوق اعتاد مناقشة البرامج الإنقاذية، وليس قانون الكابيتال كونترول، لأنّ هذه الخطوة غالباً ما تتّخذها الدول التي تواجه أزمات قبل وصول صندوق النقد إليها، كما أنه استغرب أن يكون لبنان الدولة الوحيدة التي تعاني أزمةً عميقة، ولا تقوم بأي معالجة، بل تترك الوضع ينهار، فيما يقوم صندوق النقد بمناقشة صيغة الكابيتال كونترول بدل مناقشة خطة التعافي مع الحكومة”.

مصدرليبانون ديبايت
المادة السابقةإحياء “النقل العام”: خطة الألف باص فرنسي..
المقالة القادمةبند السرية المصرفية يشعل الوزراء