هل تُنتشل “الجمارك اللبنانية” من الموت؟

مبنى الجمارك الأساسي لا يزال مقلوباً “فوقاني تحتاني” بفعل انفجار مرفأ بيروت، والإدارة الجديدة انتقلت الى مبنى نصل إليه عبر المدخل رقم 14، قرب مسلخ بيروت، لتسكن بأجهزتها في غرف قليلة “تحت الدرج”، وعمال تخليص البضاعة مشلوحون تحت الشمس وتحت المطر في العراء. كل شيء يتغيّر في البلد. وهيثم إبراهيم، رئيس دائرة الإستيراد والتصدير أصبح اليوم رئيس مصلحة مرفأ بيروت بالإنابة، يقوم، بحسب الموظفين، بكل ما هو ممكن كي يعمل “السيستام” بلا مشاكل. وهو “يحلّها” الواحدة تلو الأخرى لكن المشاكل، كما تعلمون، كثيرة.

العمل صعب. وهذا أمرٌ لا يختلف عليه اثنان. والسؤال الذي يخطر في بال كل من يسمع اليوم بجمارك لبنان: هل عاد المركز الآلي الى العمل؟ يقال في الجمارك أن هيثم ابراهيم أجرى تحقيقاً تقنياً في شأن العاملين في المركز الآلي، الذي إذا ما تعطل أو توقف تتعرقل كل العمليات الجمركية. وهو رفض التحقيق بأبعد من ذلك، كون ذلك من مهام مصلحة المراقبة. وهذا ما حصل بالفعل وأوقف موظفو المركز الآلي التابعون للـ UNDP على أساسه. وقد تبيّن أن هؤلاء نفذوا أوامر معطاة إليهم شفوياً لا إثباتات خطية حولها. وهذا طبعاً لا يجوز في التعاملات الرسمية.

أسئلة كثيرة تحوم في البال. جوابها أن هؤلاء الموظفين كانوا قد أجلسوا “على الرف” وكانت الجمارك تعطي UNDP سنويا مبلغ 300 ألف دولار من أجل تسيير العمل في المركز الآلي. وهذا ما عمل رئيس مصلحة مرفأ بيروت بالإنابة على إيقافه. والآن، أعيد بعض الموظفين الذين كانوا يتقاضون أجورهم بلا عمل الى العمل. وهذه نقطة إيجابية طبعاً.

مراتٌ عدة توقف “السيستام”. أولاً لأن كلمات السرّ في المركز الآلي كانت مع الفريق الذي سجن، ثم لأن خللاً أصاب “السيستام” أيام العطل. وكان يصرّ هيثم ابراهيم في كل مرة على إعادة العمل بأسرع وقت ممكن. تتكرر في الجمارك أسماء أنظمة يُعمل على أساسها بينها “نجم” ونظام citrix… الجمارك تحتاج بالفعل الى أنظمة آمنة لتعمل ضمنها لكن ما كان يحصل أقرب الى التنفيعات منه الى الضرورة. نحو 150 موظفاً في الجمارك اللبنانية. وفي الفترة الاولى التي تلت إنفجار مرفأ بيروت جلسوا في سياراتهم لإنجاز المعاملات. لهذا لا يمكن وضع الجميع في ميزان واحد. لكن، لا يجوز في الآن نفسه غضّ النظر عن كل السيئات التي كانت تحصل وكل الصفقات التي تمّت. فلنأخذ مثلا الصين التي أعطت سكانر الى مرفأ بيروت على شكل هبة وتبيّن لاحقاً أننا ندفع لها 400 ألف دولار سنوياً لصيانة السكانر الذي يبلغ ثمنه مليوني دولار فقط لا غير. أي أن لبنان كان قادراً أن يشتريه ويجري صيانته بنفسه. إنها الصفقات. لبنان كان يدفع مليونين ونصف المليون دولار ليدخل نظام cloud. وكان لبدري ضاهر نظام خاص به.

أمرٌ آخر ظهر للمولجين اليوم في أمور الجمارك وهو أن الحجز على باخرة معينة ليس معناه الحجز على البضاعة التي فيها بدليل أن الباخرة التي حجزت قبل أشهر قليلة وفيها زيت جرى تفريغها بعدما تأكد أن هناك عقد نقل مع الباخرة بموجب الملاحة البحرية. وبالتالي الباخرة التي أقلّت النيترات قبل أعوام وأدت الى ما ادت إليه كان يفترض ألّا يجري الحجر على محتوياتها معها. فهل حصل ذلك جراء إهمال أم عن قصد؟ هذا ما يفترض ان يكشفه التحقيق.

تراجعت واردات الجمارك كثيراً في الآونة الاخيرة، أكثر من 60 في المئة من دون إحتساب الإنهيار في العملة المحلية. أما من يتحجج اليوم بأن المعاملات تتأخر في مرفأ بيروت فيقول مصدر في الجمارك إن معدل أيام التخليص الجمركي هو ثلاثة أيام لكن بسبب ارتباط الامر بالوزارات المعنية فيتطلب عشرة أيام إضافية. فموظفو الوزارات لا يعملون إلا يوماً واحداً أو يومين في الاسبوع. وهناك لمعلوماتكم أكثر من 1500 مخلّص بضاعة في مرفأ بيروت.

تعمل الجمارك اللبنانية حالياً على دراسة تعديل الدولار الجمركي والبنك الدولي ليس مقتنعا بأن الجمارك تخسر رسوماً. في هذا الإطار دلت الدراسات الى أنه إذا انتقلت الجمارك للجباية على أساس المنصة، اي 14 ألفاً، ستتقاضى زيادة مقدارها 11 مليار ليرة سنويا أما الآن فتبلغ إيراداتها وفق سعر الـ 1500 ليرة 2000 مليار ليرة. أما إذا أخذتها على سعر 3900 ليرة فستتقاضى فقط 2,277 مليار ليرة.

مصدرنداء الوطن - نوال نصر
المادة السابقةالأمن الغذائي مهدّد والإنفجار الإجتماعي قريب!
المقالة القادمةفي سوق الذهب: النساء يبعن مجوهراتهنّ لتسجيل أولادهنّ