هل يمهّد توزير يوسف خليل لخروج آمن لرياض سلامة من مصرف لبنان؟

تعود اللجنة الوزارية المكلفة وضع البيان الوزاري، بعد جلسة أولى البارحة، إلى الاجتماع اليوم وغداً والخميس، أملاً في عقد جلسة لمجلس الوزراء قبل نهاية الأسبوع لإقرار البيان الوزاري، من ثمّ الذهاب إلى مجلس النواب. في أولى جلساتها برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، استمعت إلى توجهاته العامة، على أن تباشر من اليوم مناقشة مسودة أعدها لها. ربما من مرات قليلة منذ تعاقب حكومات ما بعد اتفاق الدوحة عام 2008، يكون البيان الوزاري سهل المنال، ما يجعله سهل الإنجاز. لا مشكلات وشروط مسبقة، لا استفزازات، لا نزاعات على ملفات حسّاسة كانت شابت البيانات الوزارية المتتالية منذ أولها مع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2008. عملاً بالمادة 64 من الدستور، يتعيّن إتمامه «في ثلاثين يوماً» – وليس شهراً – توطئة للمثول أمام مجلس النواب. بعد تأليف حكومة الرئيس تمّام سلام عام 2014، وتأخرها في إنهاء بيانها الوزاري حتى وصلت إلى اليوم 27 من مهلة الـ30 يوماً، طُرح سجال متشعّب ومتعارض حيال قيد مدّة إنجاز البيان الوزاري: هي مهلة حضّ أم مهلة إسقاط؟

أما العهد الحالي، فسجّل أرقاماً قياسية لوضع البيان الوزاري: تطلّب إقراره في حكومة الحريري (2016) ثلاثة أيام، وفي حكومته التالية (2019) أربعة أيام، وفي حكومة الرئيس حسان دياب 14 يوماً. لا تفسير لمغزى انطفاء ذلك السجال المستعصي حيال سلاح حزب الله في العهد الحالي، سوى أسهل مؤشراته. لم يعد حزب الله، كما بين عامي 2008 و2014، شريكاً حتمياً وضرورياً فحسب في كل حكومة يصير إلى تأليفها، بل بات هو المرجعية الفعلية للتأليف. بذلك يسهل توقّع إنجاز البيان الوزاري خلال هذا الأسبوع. ليس لمجلس الوزراء ـ وهو أقرب ما يصح القول فيه إنه وكيل أصلاء ـ سوى أن يتعهّد، لا أن يقرّر. مع ذلك، ثمّة بند غامض معقّد مطروح على طاولة لجنة البيان الوزاري، من غير الواضح إلى أي مدى سيكون في وسع الحكومة الجديدة التزام تطبيقه أولاً، والمسارعة إلى تطبيقه ثانياً، والنطاق المتاح لها أن تفعل في ظلّ نزاع حاد بين أكثر من فريق من بين الكبار عليه، هو التدقيق الجنائي.

أسباب شتى في هذا الجانب:
أولها، أن مدّة السنة المنصوص عليها في القانون المقرّ في 21 كانون الأول 2020، القاضي برفع السرّية المصرفية عن حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة، بالتوازي، إلى التدقيق الجنائي دونما أي تذرّع بالسرّية المصرفية، تنتهي بعد ثلاثة أشهر، في كانون الأول المقبل، ما يعني دفن التدقيق الجنائي ما لم يصر إلى تمديد المدّة سنة أخرى.

ثانيها، أن توزير أحد أبرز المعاونين الرئيسيين لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، يوسف خليل على رأس حقيبة المال، أرسل إشارة سلبية إلى احتمال بعث الروح في قانون 2020، وتالياً مباشرة التدقيق الجنائي.

بيد أن شقّاً آخر من المعلومات كشف عن جانب مخفي ـ يجري التلميح إليه بتحفظ ـ قد يكون على ارتباط بمقايضة، تبدأ بتوزير خليل وتنتهي بخروج آمن لسلامة من منصبه دونما أي محاسبة أو ملاحقة حيال ما آل إليه النقد الوطني في ظل حاكميته. ما يلحّ عليه رئيس الجمهورية – بتقاطع واضح مع حزب الله – هو إخراج الرجل من منصبه قبل نهاية عهده. بيد أن الأمر، مع ذلك، دونه عقبات بعضها الأساسي داخلي، يرتبط بضلوع وتواطؤ متبادلين بين سلامة وأركان الطبقة السياسية الساهرين على سلامته وبقائه في منصبه وإخفاء الأوساخ تحت السجادة، مقدار سهره هو على استيلائهم على الامتيازات والإهدار والسطو على المال العام وكتم فضائحهم. كلا الطرفين يتسابقان في لعبة «بَلف» بما لا يؤذي أياً منهما.

ثالثها، إلى اليوم لم ينجز ديوان المحاسبة موافقته الاستثنائية على العقد الجديد مع شركة «ألفاريز أند مارسال»، المنسحبة من مهمتها في لبنان في كانون الأول المنصرم لرفض مصرف لبنان تسليمها المعلومات السرّية المطلوبة، ما يؤخر مباشرتها عملها الجديد، وتالياً استنفاد مهلة القانون. كلما تأخر المجلس في بتّ الموافقة، اقترب أكثر من نهاية السنة.

مصدرجريدة الأخبار - نقولا ناصيف
المادة السابقةوقفة إحتجاجية في مركز المعاينة الميكانيكية
المقالة القادمةأزمة المحروقات تعيد التموضع الديموغرافي للمدارس: تشريع التعليم المنزلي حل لارتفاع كلفة النقل