ودائع الأتراك في متاهة اضطراب سياسات أردوغان النقدية

منحت خطة الرئيس رجب طيب أردوغان للدفاع عن الودائع بالليرة المدخرين بعض الراحة بعد تعافي الليرة بواقع 45 في المئة للمرة الأولى منذ نوفمبر الماضي، لكن مخاطر تراكم الديون وإذكاء التضخم المنتشر بالفعل تلوح في الأفق. وكان من الأمور المحورية في وعد أردوغان ضمانا فعالا معفيا من الضرائب مدعوما من وزارة الخزانة بأن الأتراك سيكونون على دراية بالفرق بين ما يكسبونه من ودائعهم عبر أسعار الفائدة وأي حركة معاكسة لسعر الصرف، مما يشجع المدخرين على بيع الدولار وشراء الليرة.

والهدف من التدابير التي وصفها المستشار السابق للخزانة التركية محفي إجلمز بأنها “زيادة غير مباشرة لنسب الفائدة”، حماية قيمة الأرصدة بالليرة من تقلبات أسعار الصرف، وهي تضمن للمواطنين بأن الحكومة ستعوض عن أي تراجع في قيمة الودائع المصرفية بالليرة بالنسبة إلى الدولار من خلال مدفوعات دوريّة. لكن من بين المخاوف التي أثارها محللون ومصرفيون أن الارتفاع السريع لليرة الثلاثاء الماضي سيتلاشى وينعكس، ما يترك حكومة أردوغان التركية في مأزق لتغطية الخسائر المستقبلية على أساس سعر الصرف. ويمثل التعهد تحولا بالنسبة إلى أردوغان، الذي راهن في ما يسمى ببرنامجه الاقتصادي الجديد على خفض الأسعار ورفض مفهوم الفائدة. لكن المالية العامة لتركيا قوية مقارنة ببلدان الأسواق الناشئة الأخرى، مما يترك لها مجالا لتقديم الدعم.

وأصدر أردوغان إعلانه بعد ساعات فقط من اختراق الليرة للدولار، 18 ليرة لأول مرة على الإطلاق الاثنين الماضي، بسلسلة من الخطوات قال إنها “ستعكس موجة المدّ من المودعين الذين يحولون الودائع بالليرة إلى الدولار”. وتظهر بيانات رسمية أن الودائع بالليرة التي يحتفظ بها الأتراك العاديون بلغت نحو 1.2 تريليون ليرة (92.5 مليار دولار) في العاشر من ديسمبر الحالي. وقال هورست جونيس الخبير الاقتصادي بجامعة مرمرة لرويترز إنه “في حال كانت الإجراءات الجديدة لتغطية كل ذلك، وإذا ارتفع سعر الصرف بنسبة 20 في المئة أسرع من سعر الودائع لدى المركزي، فإن هذا سيصل إلى 240 مليار ليرة (18.7 مليار دولار) في ميزانية الدولة”.

وبينما تظل الأسئلة مطروحة مثل: كيف ومتى ستدفع الخزانة وكيف سيحسب الإعفاء الضريبي؟ فقد وفرت السياسة الجديدة للمودعين الحماية التي يحتاجون إليها بشدة من التآكل. وقال مصرفيون لرويترز إنهم حولوا بالتالي ما يصل إلى 1.5 مليار دولار من المدخرات ليلة الاثنين فقط، مما أدى إلى أكبر صعود لليرة على الإطلاق في تعاملات متقلبة. وقال ريفيت جوركيناك رئيس قسم الاقتصاد بجامعة بيلكنت في أنقرة “إذا كنت تتوقع أن يتضاعف سعر الصرف، وهو ما حدث في الشهرين الماضيين، فإن العائد على الودائع بالليرة هو 100 في المئة بالنسبة إليك”. وأضاف “لكن يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة”.

وبينما أقر مصدر حكومي مطلع على الأمر باحتمال ارتفاع أعباء الميزانية والتضخم، قال مسؤولون آخرون إنه “يمكن إدارتها”، مضيفين “جميع القرارات المعلنة تشمل تدابير حماية من المخاطر”. وقال جميل إرتيم المستشار الرئاسي وعضو لجنة السياسات الاقتصادية الحكومية لرويترز إن ضمان الودائع “تغيير تاريخي” يلغي حاجة الأفراد إلى الدولارات للحماية من التضخم.

لكن مصرفيا كبيرا قال إن “السياسة الجديدة لن تعمل بشكل جيد إلا إذا حافظ الاقتصاد على فائض في الحساب الجاري، ولا تزال الحكومة بحاجة إلى توضيح بعض التفاصيل على الرغم من المخطط التقريبي من وزارة الخزانة الثلاثاء”. ومن المتوقع أن يبلغ عجز الميزانية التركية حوالي 3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام، ارتفاعا من 1.5 في المئة في وقت سابق من العام.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةكيا تزيح الستار عن أكبر سياراتها العائلية المتطورة
المقالة القادمةتنافس دولي على مكامن ثروة الليثيوم في أفغانستان