آلاف أطنان القمح بالمخازن: أزمة الخبز “متعمّدة”

لا تعاني السوق اللبنانية شحاً بالقمح إنما جفافاً شبه تام بالطحين، فما الذي يحول دون إدخال القمح إلى السوق وتوزيعه على المطاحن وتالياً على الأفران، التي نفذ مخزون الغالبية الساحقة منها ولم تعد تقو على إنتاج الرغيف؟
7500 طن من القمح لدى شركة مطاحن الجنوب، ومثلها لدى مطاحن التاج وآلاف الأطنان سواها تنتظر فتح الطريق أمامها، ويصل حجم شحنات القمح المخزنة والممنوعة من دخول السوق حتى اللحظة أكثر من 40 ألف طن.

يختصر المدير العام للحبوب والشمندر السكري، جريس برباري، العوائق التي تحول دون إدخال مستوردات القمح إلى السوق، بعاملين اثنين: الأول، إخضاع عينات من إحدى شحنات القمح للفحص المخبري، لاسيما بعد وقوع التباس حول احتمال التلاعب بصحة شحنة من القمح. والعامل الثاني يرتبط بتوقف مصرف لبنان عن فتح اعتمادات مالية لتغطية استيراد القمح وفق دولار مدعوم. بمعنى آخر، القمح لن يدخل إلى السوق حتى لو كانت كافة نتائج فحوصه مطابقة، ما لم يفتح مصرف لبنان اعتمادات مالية لإدخاله بأسعار مدعومة. ويشدّد برباري في حديثه إلى “المدن” على عدم إمكانية إدخال القمح إلى السوق وتوزيعه على المطاحن بأسعار غير مدعومة.

آلاف الأطنان بالمخازن

تلك العوامل تبقي منذ أيام على آلاف الأطنان من القمح في المخازن، على الرغم من صدور نتائج فحوصها المخبرية وثبوت مطابقتها للمواصفات المطلوبة. وآخر نتائج الفحوص، وفق معلومات “المدن”، هي نتائج فحوص شحنة تم استيرادها من قبل شركة مطاحن الجنوب وكانت نتائجها مطابقة. كما أتت أيضاً نتائج الشحنة التي وقع حولها التباس وأوقف على إثرها مدير مطاحن التاج بول منصور، إيجابية ومطابقة للمواصفات، وذلك بعد توجيه اتهام لمنصور بالتلاعب بالقمح وفتح الشحنة قبل صدور نتائج فحوصها، وهو ما نفاه أكثر من مصدر، ملمحين إلى تعمّد السلطات الرسمية عرقلة دخول القمح إلى السوق، وتعمّد تجفيف السوق من الطحين.

ويؤكد برباري أنه ومدير عام مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية ميشال افرام، أشرفا وتابعا عملية إرسال العينات من شحنة القمح التي تم إيقافها الى مختبرات الجامعة الأميركية، وتبين أنها مطابقة قبل أن يتبين لاحقاً أن “الرصاصة” (ختم الشحنة) مزالة عن الشحنة ويتم اتهام منصور بإزالتها وتسميم القمح، ويسأل “لماذا يتم افتعال أزمة؟”

وإذ يشير مصدر من وزارة الاقتصاد في حديث إلى “المدن” إلى أن هناك من يتعمّد إفزاع الناس وتجفيف السوق من الطحين وإحداث بلبلة، يلمح إلى محاولة مصرف لبنان ممارسة الضغط على الحكومة، لدفعها إلى استصدار قرار رسمي لتغطية استخدام أموال الاحتياطات الإلزامية لتغطية دعم استيراد القمح. فمن دون ذلك، لن يتم فتح باب الاستيراد بالسعر المدعوم، علماً أن هناك ما يفوق 40 ألف طن من القمح غير مسدد ثمنها من قبل مصرف لبنان، ولا يمكن إدخالها بالسعر غير المدعوم إذ قد يصل سعر ربطة الخبز في حال لم يتم دعم القمح إلى أكثر من 25 ألف ليرة.

بالنتيجة أغلقت غالبية الأفران أبوابها كلياً وتوقفت عن إنتاج الخبز، ومنها لم يعد لديها كميات كافية من الطحين للاستمرار في انتاج الخبز، بسبب عدم سداد ثمن القمح المستورد من قبل مصرف لبنان. وقد أكد رئيس تجمع نقابة أصحاب الأفران المستقلة والباتيسري والحلويات رياض السيد، أن أفراناً كبيرة منتشرة على جميع الأراضي اللبنانية، ستتوقف بالإضافة إلى أفران أخرى في الجنوب والبقاع والشمال، لافتاً إلى أن قطاع الأفران يعاني من مصاعب ومشاكل كثيرة، والأوضاع فيه تسير من سيىء إلى أسوأ بعد فقدان مادة الطحين. أمام هذا الواقع، وفي حال لم تحل الأزمة سريعاً، فلن يتوفر الخبز في الأيام القليلة المقبلة في كافة المناطق.

مصدرالمدن - عزة الحاج حسن
المادة السابقةالشامي: الخسائر مقدرة بنحو 73 مليار دولار لكن هذا الرقم قد يتغير بعد التدقيق في المصارف
المقالة القادمةهل يُرفع الدعم عن الطحين؟ وكم سيصبح سعر ربطة الخبز؟