أربعة عيوب تطال البطاقة التموينية وقد تقف دون إبصارها النور

من أين جاء رقم البطاقة المطروح على الإعلام؟ ومن قال إن 137 دولاراً للعائلة الواحدة هي مبلغ كافٍ لسدّ الحاجات بحدّها الأدّنى؟ إن طرح الرقم هو تكملة لمسلسل ا لعشوائية الحكومية في طرحها المشاريع. فهل الـ 137 دولارا أميركيا تُمثّل الحدّ الأدنى لتغطية الحاجات الأساسية للأسر الفقيرة، وبالتالي هي للكلام عن مشروع رفع الحد الأدنى للأجور والدخول في معضلة سلسلة رتب ورواتب جديدة تؤسس لإنهيار فوق الإنهيار؟ أم هو تخبّط من سلسلة التخبطات التي إعتدنا على سماعها من هذه الحكومة المُستقيلة.

في الواقع الحديث عن رفع الدعم مقابل إصدار البطاقة التموينية فيه من التضليل ما فيه. فرفع الدعم لن يطال الأدوية، ولن يطال فيول كهرباء لبنان ولا المازوت، ولا التلفون، ولا القروض بالدولار التي سيبقى سدادها على سعر الـ 1500 ليرة لبنانية. لأن رفع الدعم عن كل شيء سيؤدّي حتمًا إلى رفع الكلفة الشهرية للعائلة إلى حدود الـ 20 مليون ليرة لبنانية شهريًا، وبالتالي فإن وراء الأكمة ما وراءها، أي إن هناك قطبة مخفية خلف طرح الـ 137 دولارا أميركيا شهريًا للعائلة الواحدة!

المُشكلة الأولى التي ستواجه البطاقة هي مُشكلة التمويل التي تبلغ 1.2 مليار دولار سنويًا. فمن أين سيتم تمويليها؟ إذا كان من الإحتياطي الإلزامي – أي من أموال المودعين – فهذا أمر يرفضه العديد من النواب وسيؤدّي إلى ردّة فعل سلبية في الانتخابات النيابية. أمّا إذا كان التمويل سيتمّ من قرض البنك الدولي، فهذا الأمر مُمكن لعدّة أشهر فقط (قرض البنك الدولي هو 246 مليون دولار أميركي)، وبما أن القرض لم يُصبح نافذًا فبالتالي إقرار البطاقة سيبقى حبرًا على ورق.

المُشكلة الثانية التي يجب أن لا يستهان بها تكمن في أن رقم الـ 137 دولارا أميركيا أو 1.77 مليون ليرة شهريًا (على سعر السوق السوداء)، سيؤدّي إلى ضرب العدالة الاجتماعية. فكل عائلة لها مدّخول أقلّ من 1.77 مليون ليرة، عندها مصلحة بأن تتوقف عن العمل وقبض 1.77 مليون ليرة وبالتالي هناك دعوة واضحة إلى البطالة جراء سياسة غير مدروسة.

المُشكلة الثالثة هي في خيار الـ 750 ألف عائلة التي سيتمّ توزيع البطاقة عليها. فالخيار لن يكون على معايير إجتماعية حتى لو تمّ إعتماد قاعدة بيانات وزارة الشؤون الاجتماعية التي أظهرت خللاً فاضحًا حين قام الجيش بتوزيع المساعدة بقيمة 400 ألف ليرة لكل عائلة.

المُشكلة الرابعة تكمن في آلية توزيع هذه الأموال (في حال توافرت)، فما هي الآلية المتبعة في التوزيع؟ هل هي عبر الجيش كما كان الأمر سابقًا؟ وهل الجيش قادر على توزيع الأموال على 750 ألف عائلة كل شهر؟ أم أنها ستكون من خلال البطاقات المصرفية؟ وماذا عن العائلات التي لا تملك حسابًا مصرفيًا أو تلك التي تعيش في مناطق بعيدة نائية وهي من المفترض أن تكون النسبة الأكبر من هذه الفئة؟

طرح البطاقة في ظل غياب حكومة أصيلة هو أمر غير واقعي وقد يكون خارجاً عن الدستور اللبناني الذي شبع الخروقات والمخالفات.

 

مصدرجريدة الديار - بروفسور جاسم عجاقة
المادة السابقةخلافات حكوميّة تُطيّر اتفاق «الترابة»: الاحتكار باقٍ
المقالة القادمةحسن: الإعلانات المفاجئة لحاكمية مصرف لبنان هي المسؤولة