خلافات حكوميّة تُطيّر اتفاق «الترابة»: الاحتكار باقٍ

لمرة الأولى منذ إنشاء «دُويلة الترابة» في لبنان، تشعر الشركات بخطر على استدامة احتكارها. صحيح أنّ الحكومة لم تُظهر نية لتفكيك الاحتكار وإنهاء «تسلّط» الشركات الثلاث (الترابة الوطنية – إسمنت السبع، لافارج – هولسي، وسبلين) على السوق، وتبدو مُكتفية بحدود «تنظيم» أعمال الشركات، إلا أنّ هذه الأخيرة لا تُريد حتى الالتزام بـ«الشروط التخفيفية». وكما في السيناريو المُعتمد من كلّ القطاعات الاحتكارية، يُتخذ السكان رهينة تصفية حسابات، وتعزيز نفوذ. هكذا فعلت شركات الترابة ردّاً على مقاربة الحكومة للملفّ، مُقرّرة سحب الترابة من السوق، وإشعال حالة هلع بين الجمهور، أدّت بطبيعة الحال إلى تنشيط «السوق السوداء» وارتفاع الأسعار.

أول من أمس، كتب وزير الصناعة عماد حب الله على «تويتر» عن «الاحتكار وموقف رئاسة الوزراء اللذين قد يُطيحان باتفاقات أرساها خمسة وزراء… البلد لا يحتمل تعنتاً أو تجارب. يكفي». واستتبع حب الله «البيان الأول» بتغريدة ثانية يُشير فيها إلى أنّ «مشكلة الترابة لا تُحلّ إلّا بموقف من رئاسة الحكومة يحسم الأمر لمصلحة الناس… على وزارة البيئة دعوة المجلس الأعلى للمقالع والكسارات إلى اتخاذ القرارات القانونية». وتُفيد المعلومات أنّ حبّ الله يُحضّر لمؤتمر صحافي «يكشف» فيه عن كلّ تفاصيل الملفّ، في حال لم يُحلّ الأمر لدى رئاسة مجلس الوزراء.

عمدت الشركات خلال هذه الفترة إلى ابتزاز السوق، عبر التحكّم بالكميات التي تضخّها، مُغطية رفع الأسعار في السوق غير الرسمية، «لأنها أرادت رفع السعر من 270 ألف ليرة للطن إلى مليون و300 ألف». علماً أنّ الحكومة «سلّمت» مع الشركات بأنّ 270 ألف ليرة «سعر غير عادل» وبحثت رفعه إلى حدود 650 ألف ليرة.

رفع السعر لم يكن الهدف الأول للشركات، بل منع استيراد الترابة. ففي الأسابيع الماضية، استحصل وزير الصناعة على قرار من رئاستَي الجمهورية والحكومة بمنع تصدير الإسمنت إلا بإذن من الوزارة، وأصدر ترخيصَي استيراد لشركتين. دفع ذلك الشركات الثلاث إلى التكشير عن أنيابها، دفاعاً عمّا تعتبره مكتسبات… إلى أن اجتمع وزراء الدفاع (والخارجية والمغتربين)، الداخلية، الاقتصاد، البيئة، الصناعة وتوصلوا مع دياب إلى اتفاق على أنّه «يجب فتح المقالع حتى تتمكن الشركات من الإنتاج والبيع». كلّ هذه «الخفّة» في التعاطي مع ملفّ حيوي، بيئياً واقتصادياً وصحياً، والخلافات بين المكوّنات الحكومية، شكّلت أرضية مناسبة للشركات الثلاث لتفرض شروطها، هي التي تتصرّف كما لو أنها شركة واحدة، من دون أن تجد من يردعها.

 

مصدرجريدة الأخبار - ليا القزي
المادة السابقةلا طريق معبّدة بعد أمام البطاقة التمويلية!
المقالة القادمةأربعة عيوب تطال البطاقة التموينية وقد تقف دون إبصارها النور