شلل تام في جميع المرافق الحيوية والقطاعات الرسمية والخاصة يضرب لبنان، وفي حين ان الوضع يستدعي استنفار جميع القوى السياسية والامنية في البلد، بعد ان وصلت الامور الى حد من الاقتتال والصراع بين المواطنين، نجد ان أصحاب الشأن في السلطة أنفسهم ينتقدون الواقع وهو أمر خارج عن المنطق والمألوف، وبدل ان يضع هؤلاء خلافاتهم الشخصية جانباً والعمل على تأمين الاساسيات للناس يمعنون في جر الوضع الى التأزم اكثر لغايات سياسية وآلاعيب انتخابية، من خلال جعل المواطن يحلم بالحصول على قارورة غاز او بضع ليترات من البنزين او حبة دواء.
وحذّر مصدر مطلع في حديث لـ “ليبانون فايلز” من “عواقب التمادي في إهمال المسؤولين وضرب الحائط بمعاناة الناس بعد ان بلغت الأزمة حداً غير مسبوق من التدهور والانهيار، واعتبر ان الصراع المذهبي والطائفي قابل للاشتعال، خاصة وان الظروف مهيأة مع وجود تقاطعات وتوفر معلومات امنية استخبارية دولية وتقارير حول معسكرات متطرفة تتجهّز سراً، تترقب الفرصة للانقضاض على السلم الاهلي وتقويضه”، وقال: “لا شيء يمنع من اشعال فتيل الفوضى التي تحتاج الى عود ثقاب ليس أكثر، في ظل الضغوطات المعيشية والتفلّت الحاصل امام المحطات وحيازة الافراد على السلاح، وبالتالي فإن العودة الى خطوط تماس مناطقية ليست ببعيدة”.
من جهة أخرى، ومع استفحال ازمة المحروقات واغلاق العديد من المؤسسات أبوابها، لا تلوح في الافق اي بوادر حلحلة في هذا المجال، وقد اعتبر رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني بحصلي في حديث لـ “ليبانون فايلز” ان “ازمة المحروقات هي أم المشاكل ووقف الامدادات بمادة المازوت الحيوية ينعكس سلباً على المنظومة الاقتصادية برمتها ويؤدي الى توقف العديد من الاعمال، ولعلّ المشكلة الاكبر هي شح مادة البنزين التي منعت الموظفين والعمال من الوصول الى أماكن عملهم، اضف الى ان هناك مندوبي المبيعات الذين لم يعد باستطاعتهم التجول في الاسواق واتمام عمليات البيع والشراء”.
وأضاف: “ما نمر به ليس استثنائياً والازمة في ذروتها دون أي حلول نتيجة الازمات المتكررة، وبعد الوصول الى طريق مسدود ستتوجه معظم الشركات التي لم يعد بإمكانها العمل الى الاقفال، فلا أحد يمكنه الصمود أكثر من طاقته، علماً ان هناك شركات كثيرة قلّصت اعمالها واخرى خففت من عمليات الاستيراد، وبعضها أطفأ براداته”. ودعا بحصلي “المسؤولين الى تحمل وزر عدم ايجادهم الحلول للازمة، خاصة وانهم أطلقوا صرخة مؤخراً تحذّر من تبعات استمرار الوضع على حاله”.