لبنان يحاول يائسا سد منافذ الاحتكار والتجارة الموازية

أصدر وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة تصريف الأعمال اللبنانية راؤول نعمة الاثنين قرارا يقضي بمكافحة والاحتكار والسوق السوداء للطحين والخبز، في محاولة يرى خبراء أنها لن تأتي بنتائج سريعة بسبب الفوضى الاقتصادية التي تسببت فيها الطبقة السياسية.

ويتصاعد تذمر اللبنانيين منذ أشهر جراء فقدان السلع الأساسية المعروضة في السوق، نتيجة قيود الاستيراد التي يفرضها مصرف لبنان المركزي بسبب شح السيولة النقدية، ما أدى إلى ارتفاع سعرها بشكل لم يعد مقبولا. وأرجع كثيرون، بمن فيهم المسؤولون بحكومة تصريف الأعمال ذلك الأمر إلى لوبيات الاحتكار وازدهار السوق السوداء التي تستفيد من الأزمة السياسية الخانقة منذ الاحتجاجات، التي اندلعت في منتصف أكتوبر 2019 ضد سوء إدارة الحكومات المتعاقبة للأزمة. ورغم أن محاصرة اللوبيات تبدو أمرا صعبا لبلد تبدو سلطته عاجزة عن فعل أي شيء في ظل الظروف الحالية وبسبب تحكم بعض الأطراف السياسية في المشهد الاقتصادي، إلا أن ثمة من لديه بعض التفاؤل في القدرة على توفير الغذاء وبالأسعار الرسمية.

ونقلت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية عن نعمة قوله في بيان “إننا نريد السيطرة على أسعار الخبز المدعوم بعدما دأب المحتكرون على استغلال الوضع لتحقيق الأرباح وإرباك السوق وأشعلوا الأسعار بزيادات أرهقت المواطنين”. وانهارت العملة مع نفاد الدولار في البلاد، وعدم وجود أي خطة إنقاذ للدولة في الأفق، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 400 في المئة. وأصبح الشجار في محلات السوبر ماركت شائعا، وكذلك صور الأشخاص الذين ينبشون في القمامة بحثا عن الطعام.

وقال نعمة إنه “جرى ضبط العديد من عمليات تهريب الطحين والخبز المدعومين كما جرى ضبط العديد من عمليات الاحتكار للطحين المدعوم، كما ثبت وجود سوق موازية، يباع من خلالها الطحين والخبز بأسعار أعلى من السعر الرسمي”. ويتضمن القرار قيودا مشددة على قطاع المخابز وموزعي الطحين، إذ سيكون أصحاب المطاحن والمخابز مطالبين بإدراج أسمائهم في لائحة رسمية صادرة عن المديرية العامة للحبوب. كما أن على أصحاب المخابز مدّ المديرية أسبوعيا بجدول تفصيلي يحتوي أسماء موزعي ربطات الخبز المعتمدين لديه، ومجموع ربطات الخبز من النوعين الكبير والصغير التي يقوم ببيعها للموزعين. وحتى تقوم وزارة الاقتصاد بتضييق الخناق أكثر على السوق السوداء، قامت بالضغط على أصحاب المخابز وقالت إنهم سيتعرضون للشطب من قائمة المستفيدين من قسائم الطحين التي تصدرها المديرية العامة للحبوب في حال أدلوا بمعلومات غير دقيقة.

ويأتي القرار بعد أسبوع من إعلان وزارة الاقتصاد عن زيادة سعر الخبز المدعوم للمرة السابعة خلال عام، رغم الأزمات الاقتصادية المتلاحقة. وبررت القرار بارتفاع أسعار الوقود وتكلفة نقل الطحين ونقل الخبز لمراكز البيع إلى جانب انقطاع الكهرباء وزيادة تشغيل المولدات. وبحسب الأسعار الجديدة، فيبلغ سعر ربطة الخبز الكبيرة 4500 ليرة (2.99 دولار بسعر الصرف الرسمي) كحد أقصى وربطة حجم وسط بسعر 2750 ليرة (1.8 دولار بسعر الصرف الرسمي) كحد أقصى. أما في المتاجر فتبلغ أسعار ربطة الخبز الكبيرة خمسة آلاف ليرة (3.3 دولار بسعر الصرف الرسمي) وربطة الخبز حجم وسط بسعر 3250 ليرة (2.1 دولار بسعر الصرف الرسمي).

ويواجه لبنان أسوأ أزمة مالية واقتصادية في تاريخه الحديث، وتراجعت معه قدرة المركزي على تلبية دعم الأدوية والمواد الأساسية والمشتقات النفطية، ما أدى إلى انخفاض مخزونها، وعدم توافر المحروقات في غالبية محطات الوقود التي أقفل قسم كبير منها. وصنف تقرير مكافحة الأزمات الغذائية الصادر عن الأمم المتحدة مؤخرا لبنان ضمن لائحة الدول الساخنة بسبب مؤشرات تدهور الوضع الغذائي، وخاصة بسبب التوجه إلى رفع الدعم عن السلع الغذائية الأساسية.

ولا توجد أرقام رسمية عن حجم السوق السوداء في لبنان، لكن اتحاد المصارف العربية قال في دراسة نشرها في أكتوبر الماضي إنها ضعيفة ولا تزيد عن ثلاثة ملايين دولار يوميا، وهذه إشارة إلى أن سعر الدولار الذي يتراوح في المتوسط عند 21.5 ألف ليرة حاليا سيسقط بسرعة إلى سعر الصرف الرسمي إذا استقرت الأوضاع.

وقالت الدراسة إنه بعد قيام الحكومة بالإصلاحات سيهبط أكثر لأن صندوق النقد الدولي سيقدم نحو 15 مليار دولار هبات ومساعدات إلى لبنان إضافة إلى 12 مليار دولار من مؤتمر سيدر، حيث المبلغ جاهز لتقديمه للبنان من أجل القيام بنحو 220 مشروع مما يجعل الكتلة النقدية من الدولارات كبيرة في لبنان وهذا يؤدي إلى هبوط سعر العملة الأميركية كثيرا.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالاقتصادات الكبرى تواجه صعوبة في تجاوز تداعيات الجائحة
المقالة القادمةأزمة المحروقات… شلل تام وتحذير من سيناريو أسود