أسباب المنحى التصاعدي للدولار.. وتورط “المركزي” بالسوق السوداء

ارتفع سعر صرف الدولار بما لا يقل عن نسبة 15 في المئة خلال أيام، رفع معه أسعار كافة السلع. فاقم حال الفوضى القائمة أصلاً، وعزز شعور اللاثقة التي تستحكم بالمواطن اللبناني، منتجاً كان أو مستهلكاً. والسؤال الحاضر على كل لسان هو لماذا ارتفع سعر صرف الدولار بشكل مفاجئ وسريع، أو بالأحرى لماذا عاود سعر الصرف ارتفاعه؟ لا شك إن هذا السؤال مشروع وقد يكون مبرّراً أيضاً. لكن السؤال الأكثر دقة في هذه المرحلة، هو لماذا انخفض الدولار الشهر الفائت، وليس: لماذا ارتفع اليوم؟

فبالنظر إلى الظروف الراهنة والأزمات المتراكمة منذ قرابة العامين من دون انقطاع، بات من غير المُرتقب أن ينتج تحسّناً بأي مؤشر مالي أو نقدي. وليس سعر صرف العملة سوى انعكاس يومي لتلك الحال. فلا عوامل إيجابية على الإطلاق من شأنها أن تبث الهدوء في الأسواق، وتعزز الثقة وتنهض بالعملة الوطنية، باستثناء عامل واحد ظرفي تمثل بتشكيل الحكومة ومنحها الثقة. من هنا أصبح ارتفاع سعر الصرف هو القاعدة وانخفاضه هو الاستثناء.

وليس تفصيلاً إعلان شركة تحويل الأموال OMT إمكان تصريف حوالات الدولار الواردة من الخارج إختيارياً وبسعر صرف السوق، كما ليس بالأمر العابر تذكير الشركة وتشديدها على أن شراء الدولارات من المواطنين، وإن تم باختيارهم، فإنه سيتم لصالح مصرف لبنان، بمعنى أن الدولارات المنوي شراؤها سيتم تحويلها إلى مصرف لبنان لتعزيز احتياطاته. إذاً، كيف يتم تسعير الدولار الوارد عبر OMT؟ ومن يسعره؟ وهل لذلك تأثير على سعر صرف الدولار في السوق السوداء؟

ليست OMT من يحدّد سعر صرف الدولار الذي يتم شراؤه من الزبون صاحب الحوالة، بل هو مصرف لبنان، على ما يؤكد مصدر من شركة OMT في حديث لـ”المدن”. فثمة قسم لدى الشركة مهمته التنسيق يومياً مع مصرف لبنان بشأن سعر الصرف المُعتمد، ما يعني أن مصرف لبنان يتعامل بشكل أو بآخر بدولار لسوق السوداء، وطالما أنه يتدخل شارياً وبأسعار دولار السوق السوداء، فذلك يعني اعترافاً منه بالسعر وإن بشكل غير مباشر. وبالنظر إلى أن المبالغ المحولة عبر OMT وشركات التحويل الأخرى لا تتعدى معدل 120 مليون دولار شهرياً، فإنه من المستبعد بحسب خبراء أن تُحدث تلك المبالغ فارقاً في السوق، أو أن تُمكّن مصرف لبنان من السيطرة وإن نسبياً على سعر الدولار من جهة، وتأمين دولارات الاستيراد من جهة أخرى.

إن سعر الصرف في لبنان لا يخضع لعوامل اقتصادية ومالية فقط فهو ليس بسوق يتمتع بالكفاءة اللازمة Efficient Market أو حتى قريب منها، وبالتالي لا يمكن تفسير التقلبات الحادة بعوامل مالية واقتصادية بحتة.
أما الثقة فتلعب دوراً أساسياً في تراجع سعر الصرف أو ارتفاعه، ونظراً لحالة الإحباط العامة السائدة في البلد، نتيجة الأزمات المالية والاقتصادية والنقدية ومؤخراً السياسية والأمنية، بات الحديث عن الثقة بعيد المنال.

مصدرالمدن - عزة الحاج حسن
المادة السابقةتعميمُ من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي هذا ما جاء فيه
المقالة القادمةضربة للاقتصاد: أمن مُهتز وحكومة مشلولة