أميركا تحسم جدل الغاز الإسرائيلي إلى لبنان.. ولا كهرباء

تعمل وزارة الطاقة على إتمام الصفقة مع مصر وتسريع وصول الغاز إلى منشآت النفط في طرابلس، ومنها إلى معمل دير عمار. وحسب الوزارة “من المتوقع أن تنتهي مراحل العمل بإصلاح خط الغاز والمحطات فيها (منشآت النفط) خلال فترة شهر ونصف لتصبح جاهزة لاستقبال الغاز الطبيعي، على أن تستكمل باقي أعمال الصيانة ما بعد عمليات ضخ الغاز شهراً إضافياً”.

والحديث عن إيصال الغاز قبل الانتخابات، يرتبط بالكثير من التطورات السياسية التي يُعَدُّ حسمها أهم من الجدل القائم حول هوية الغاز، إسرائيلياً كان أم مصرياً. والتطورات لا تنفصل عن حركة السجال بين الدول الإقليمية والعالمية. وما المماطلة الأميركية حيال تأكيد إعفاء مصر والأردن من تبعات قانون قيصر، سوى انتظار الطبخة اللبنانية والإقليمية لتبرد، ليُبنى على طعمها النهائي، فإن كان يناسب المذاق الأميركي، عندها يأتي الغاز، وإن كان مُرَاً على اللسان الأميركي، فلا غاز.

وحتى اللحظة، تترك الولايات المتحدة الجدل مفتوحاً. فمن جهة، هناك تطمينات عبّرت عنها السفيرة الأميركية في لبنان دوروتي شيا، حين أكّدت لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أنه “لن يكون هناك أي مخاوف من قانون العقوبات الأمريكية فيما يتعلق باتفاقيات الطاقة الإقليمية التي ساعدت الولايات المتحدة الأميركية في تسهيلها وتشجيعها بين لبنان والأردن ومصر”. وفي الوقت عينه، لم يتبدّد القلق نهائياً، خصوصاً وأن أميركا لم تعطِ مصر جواباً نهائياً حول إعفائها من قانون قيصر المفروض على سوريا، في حال بدأت بضخ الغاز إلى لبنان عبر سوريا. ما يعني أن وصول الغاز إلى لبنان قبل الانتخابات، غير مضمون.

تحت وطأة العتمة شبه الشاملة التي يعيشها لبنان والتي تتكامل مع ثقل فواتير أصحاب المولّدات الخاصة، يصبح الهدف الأساس للمواطنين هو الحصول على الكهرباء، لتتحوّل الآلية إلى تَرَفٍ فكري يناقشه أهل الاختصاص ومالكي الوقت للجلوس في المقاهي أو خلف شاشات التلفزة. كما أن التحقق من هوية الغاز المستعمل في تشغيل معمل دير عمار، ليس أولوية مقابل تأمين الكهرباء.

ولأن لبنان مأزوم اقتصادياً ونقدياً وسياسياً، سيسهل تمرير الغاز الإسرائيلي طالما أن العَلَم المصري يرفرف فوقه، والرأي العام الشعبي، بات حاضراً بفعل العتمة، للدفاع عن مصرية الغاز حتى وإن أكّدت مصر إسرائيليته، شرط تأمين الكهرباء وتخفيض فاتورة المولّدات الخاصة. وبمنظار أوسع، فإن ثمن الغاز سيُدفَع بموجب قرض من البنك الدولي، الذي يريد التأكّد من قدرة لبنان على التسديد. وقد يُغَضُ النظر في حال التعثّر، خصوصاً في المرحلة الأولى، وتحديداً في السنتين الأوّليتين، لكن مقابل شروط سياسية واقتصادية أهمّها ما يتعلّق بترسيم الحدود البحرية والانتفاع من حقول الغاز.

من ناحية أخرى، فإن وصول 650 مليون متر مكعب من الغاز سنوياً إلى معمل دير عمار لا يعني حل مشكلة التقنين المرتبطة بعوامل تقنية داخلية. كما أن المعمل لن ينتج أكثر من 4 ساعات كهرباء ستضيّعها العراقيل التقنية والفنية والإدارية. لكن ما يثير الغرابة، هو استمرار حديث وزارة الطاقة عن رفع تعرفة فاتورة الكهرباء مع زيادة ساعات التغذية المنتظرة، وهو أمر تصوّره الوزارة كحلّ سحري لانتشال مؤسسة كهرباء لبنان من عجزها، فيما هو تسخيف لحقيقة الأزمة وواقع القطاع، إذ يستحيل انتشال المؤسسة برفع التعرفة وحدها، بل بسلسلة إجراءات لا تنتهي عند تشكيل مجلس إدارة للمؤسسة وتعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء وتأهيل المحطات والمعامل وغرف المراقبة ومبنى المؤسسة ووقف مشاريع الهدر كمشروع مقدمي الخدمات، والانتهاء من ملف معمل دير عمار… وغير ذلك.

مصدرالمدن - خضر حسان
المادة السابقة6 مليون دولار فقط للمتضررين من الأزمة
المقالة القادمةتراجع الدولار خفّض أسعار السجائر ولم يقوَ على الخبز!