أم الفضائح عملية تسعير عوائد المحروقات وإستيراد البضائع المدعومة!

كارتيلات المحروقات، والأدوية والأغذية تعبث بأمن المواطن الاجتماعي؛ فهي تحتكر السلع والبضائع وتُهرّبها مُحقّقةً أرباحًا تفوق الـ 500% على ثرواتهم بالليرة اللبنانية والتي إستطاعوا تحويلها إلى الدولار الأميركي من خلال دعم مصرف لبنان ومن ثم حوّلوها إلى الخارج!!! والأنكى في الأمر أن كل هذا يحصل تحت أنظار الدولة اللبنانية الموكلة بحسب الدستور الدفاع عن المواطن وعن أمنه الغذائي، لكن هذا الأمر لا يحصل للأسف لسببين، أحدهما تقاطع المصالح والثاني شحّ المداخيل التقليدية التي كانت تُموّل أصحاب النفوذ.

البيان الصادر عن مصرف لبنان بتاريخ 21 أيار 2021، يكشف بشكل مُريع منظومة تهريب الأدوية والمستلزمات الطبّية وحليب الرضّع والمواد الأولية للصناعة الدوائية القائمة. فخلال العام 2020، دعم مصرف لبنان هذا القطاع – بناءً لطلب التُجّار – بـ 1173 مليون دولارًا أميركيًا (الأجدى بنا القول إن مصرف لبنان باع هذه الدولارات لهذا القطاع على سعر الصرف الرسمي).وقد قامت منظومة التهريب القائمة الآن بطلب المزيد من الأموال واضعةً حاجات وضروريات المواطن اللبناني رهينة، لإرغام مصرف لبنان على بيعها الدولارات بالسعر الرسمي، فإرتفع الطلب على الدولارات لدعم هذا القطاع إلى 1232 مليون دولارً أميركيً في فترة لا تتعدىالخمسة أشهر من العام 2021! أي بأكثر من الضعف خلال سنة واحدة فقط!!!

أمّا المحروقات فحدّث ولا حرج! فإستخراج تركيبة الأسعار من على موقع وزارة الطاقة والمياه في تاريخ سابق (21/4/2021)، يُشير إلى أن ثمن صفيحة البنزين 95 أوكتان عند الشراء بلغ 15590 ليرة لبنانية في حين أنها كانت تُباع بـ 38395 ليرة لبنانية على محطات الوقود بفارق 22805 ليرات لبنانية للصفيحة الواحدة. والمُلفت في الأمر أن الرسوم على هذه الصفيحة تبلغ 32.46% من سعر الشراء، والعمولة الإضافية المؤقتّة تبلغ 65% من قيمة الصفيحة عند الشراء (مع العلم انه مكتوب في جدول تركيب الأسعار أنها لتغطية شراء دولارات توازي 10% من قيمة السلعة غير المدعومة من مصرف لبنان وبالتالي هي متحركة مع سعر الصرف في السوق السوداء)، وحصة شركات التوزيع 1.92%، وأجرة النقل 3.46%، وعمولة صاحب المحطّة 19.24%، إضافة إلى الضريبة على القيمة المضافة 24.41% من قيمة الصفيحة عند الشراء.

إذًا وبالنظر إلى الأرقام نرى أن عمولة الشركات المستوردة وشركات التوزيع ومحطات الوقود تصل إلى 13940 ليرة لبنانية في حين أن حصّة الدولة تصل إلى 8865 ليرة لبنانية على سلعة ثمن شرائها هو 15590 ليرة لبنانية.

وما يحصل في المحروقات يعاد ويطبق على المواد الغذائية ولكن بطريقة مختلفة ظاهرياً… فماذا نقول عن المواد الغذائية التي يتمّ تهريبها إلى كل دول العالم؟ هذه المواد تم شراؤها واستيرادها من قبل التجّار بالدولارات على السعر الرسمي لشرائها وإستيرادها على أساس الحاجة المحلية، فكيف تمّ تهريبها إلى الخارج؟ الإحتمالان المُمكنان نظريًا هما: (1) تدخل هذه المواد إلى لبنان ومن ثمّ يُعاد بيعها إلى الخارج وهذا إن صحّ يكون على مرأى من السلطات الرسمية، أو (2) لا تدّخل هذه المواد إلى لبنان على الإطلاق بل يتمّ نقلها مباشرة من مكان الشراء إلى مكان البيع (خارج لبنان) وهذا إن صحّ يطرح السؤال عن دور وزارة الاقتصاد والتجارة في ملاحقة البضائع والسلع المدعومة.

إن عدم الاتفاق على مسلّمات حول إجراءات أساسية تُخفّف من وطأة الكارثة على المواطن تطرح فرضية أن هناك أمرًا آخر يتخطّى حتى فكرة الإنتقام من الشعب اللبناني ويرسم لشيء أشد ضراوة.

مصدرجريدة الديار - بروفسور جاسم عجاقة
المادة السابقةشغور واستدعاءات ومعاشات من الـ”Petty cash”…
المقالة القادمةتعرف على أحد أفضل هواتف Xiaomi المطروحة حاليا