أوروبا تحارب الإنتاج اللبناني

ورد في موازنة 2022 المادة 74 التي ترمي إلى حماية الصناعات اللبنانية عبر فرض رسم جمركي لمدة خمس سنوات نسبته 10% على السلع والبضائع التي تستورد رغم وجود مثيل محلي لها، وعلى السلع والبضائع المصنّفة «فاخرة». وأتى هذا الإجراء في إطار حماية القطاعات الإنتاجية المحلية وتعزيز قدراتها التنافسية مع السلع المستوردة المعفاة من الرسوم بموجب اتفاقيات تجارية. إذ تحوّلت هذه الاتفاقيات إلى أبرز أدوات موت الصناعة وزيادة عجز الميزان التجاري. لكن حتى الآن، أي بعد مرور سنتين على إقرار القانون، لم يطبّق حرف واحد منه.سبب صعوبة التطبيق يعود إلى أمرين: أولها أن القرار لا يتضمن معايير واضحة للتطبيق وتصنيف السلع الفاخرة، وثانيها أن الاتحاد الأوروبي مارس ضغوطاً واسعة لمنع تطبيقه. اللافت أن المعنيين في الحكومة خضعوا لهذه الضغوط بدلاً من العمل على توضيح آليات التطبيق. وبحسب المعلومات، تحركت سفيرة الاتحاد الأوروبي فور إقرار المادة 74 وشروع وزارة الصناعة في إعداد لائحة بالسلع المفترض حمايتها. وزارت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتبلغه امتعاض بلادها من فرض هذه الرسوم، مشيرة إلى أن الاتفاقية التجارية التي وقعها الطرفان في عام 2006، ستتعرّض لضرر بسبب تطبيق هذا القانون. كان لها ما أرادت؛ سريعاً أبلغ ميقاتي من يعنيهم الأمر بضرورة تجاوز هذه المادة واعداً السفيرة بأن الرسوم الإضافية على الاستيراد لن تطبق طالما هو موجود في السراي. وكان لافتاً أن وزير الصناعة جورج بوشكيان لم يعد مستعجلاً في عرض لائحة السلع المشمولة بالحماية الجمركية والتي أعدّها منذ آب 2023، على مجلس الوزراء.

«الأخبار» حاولت الاتصال بوزير الصناعة للاستفسار منه عن التأخّر في إرسال اللائحة إلى المجلس لكنه لم يُجب. وتتضمن هذه اللائحة أكثر من 600 سلعة غذائية وصناعية. في الجانب الغذائي أدرجت منتجات الأجبان، الألبان، العسل، الزعتر، زيت الزيتون البكر والزيتون، الشوكولا، رقائق الحبوب المحمصة، الخبز المقرمش، البسكويت المحلى، البطاطا، البطاطا الحلوة، اللوبية، الفاصولياء الحب، الحمضيات، صلصة البندورة، المثلجات، المياه المعدنية والغازية، البيرة والنبيذ، العرق، خل التفاح والعنب، المشروبات الكحولية. وفي الجانب الصناعي أدرج الإسمنت الأبيض وهيبو كلوريت الصوديوم والغرانيت والأحجار الكلسية، وكل ما يصنف ضمن الصناعات الكيماوية كالسيليكون والطلاء والعطور ومستحضرات العناية بالجسم ومنتجات الاستحمام وصولاً إلى مساحيق الجلي والتنظيف. أيضاً تشمل اللائحة صناعة المطاط والبلاستيك الذي يدخل ضمنه كل ما يتعلق بالأنابيب والمواسير والمغاطس والأحواض والشوك والسكاكين، وصناعة الجلود والملابس والمنتجات النسيجية وصناعة المفروشات والخشب والورق والمعادن الأولية.

كذلك ثمة فقرة مخصّصة للمنتجات المعدنية والكهربائية الفنية (أبواب، توافذ، عتبات، معدات للسقالات، خزانات، أسيجة، مسامير) وللماكينات تعمل على الغاز أو بالغاز والوقود معاً، إضافة إلى الغسالات والبرادات وإنتاج الآلات والمعدات كهربائية وكل ما يتعلق بالصناعة العائدة للمواصلات كالسيارات وسيارات مكافحة الحرائق والصهاريج والقطورات وغيرها، وصولاً إلى صناعة أدوات وتجهيزات مختلفة من الأثاث وصناعة أجهزة الإنارة الكهربائية.
وحتى الآن لا بوادر لفرض تطبيق هذه الرسوم، ولا سيما على السلع المستوردة من الاتحاد الأوروبي. وباستثناء سفيرة الاتحاد، فإن أي من الدول الأخرى لم تسجل اعتراضاً على هذا الإجراء. وهذاالاعتراض يأتي رغم أن الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي تتيح للبنان فرض رسوم حمائية إذا كان لديه عجز في الحساب الجاري وضمناً الميزان التجاري. لكن يبدو أن الحكومة اللبنانية معتادة على هذا النوع من الخضوع الذي سجّل سابقاً في مواجهة استيراد بضائع سعودية وأوروبية وإماراتية ودنماركية ومصرية وسواها.

مصدرجريدة الأخبار - رلى إبراهيم
المادة السابقةأسعارٌ جديدة للمحروقات!
المقالة القادمةتشريع القنّب الهندي لا ينهي الزراعة غير الشرعية!