إتجاه لرفع موازنة دور المسنّين إلى مئة مليار

في منطقة فرن الشباك، دار الرعاية الماروني المعروف بمأوى العجزة مهدّدٌ بالإقفال، إذا لم يضع أصحاب الأيدي البيض بصماتهم الخيّرة لاستمرارية هذه الدار في إيواء ما لا يقلّ عن خمسة وثمانين مسنّاً. قبل أزمة انهيار العملة الوطنية كانت تحظى دور المسنّين بتمويل خارجي من سفارات وقنصليات بلدان عدّة أبرزها فرنسا وايطاليا، إضافة الى المبالغ التي يرسلها اللبنانيون المنتشرون في بلدان الاغتراب وبعض اللبنانيين المقتدرين في الداخل، أما اليوم ومع الانهيار الاقتصادي الحاصل فقد غابت مصادر التمويل بصورة شبه كاملة.

من هنا يطلق المدير التنفيذي في دار الرعاية الماروني مالك مارون عبر “نداء الوطن” الصرخة ويرفع الصوت “لم تعد لدينا القدرة على الصمود والاستمرارية”، مناشداً كل من لديه الإمكانية المادية على دعم الدار في هذه المرحلة الصعبة جداً الى مدّ يد العون الى كبار السنّ، وعدم التردّد في اعتبارهم بمثابة أهلهم.

ومع التكاليف المتزايدة للسلع الأساسية اليومية لجأت إدارة الدار الى الطلب من عائلات المسنّين دفع ثلاثة ملايين ليرة بدل مصاريف للمسنّ، لأن كلفة الشخص الواحد باليوم باتت تقدّر بمئة الف ليرة على الأقل، مع العلم أن معظم الأسر غير قادرة على تكبّد هذه التكاليف وقلّة قليلة التزمت بدفع هذا المبلغ، فيما الباقي يدفع كلٌ بحسب قدرته؛ هناك من يدفع مليون ليرة وآخرون يدفعون خمسمئة أو ثلاثمئة الف ليرة، بينما هناك من لا قدرة لديه على دفع قرش واحد.

وفي ضوء غياب التمويل، يذكر مارون بعض المبادرات الفردية المحدودة جداً من خارج لبنان تبقى غير كافية كونها غير ثابتة، ويشير الى ان في الدار أربعين مسنّاً على نفقة وزارة الشؤون الاجتماعية التي تدفع للمسنّ الواحد 17500 ليرة في اليوم، وثلاثين آخرين على نفقة وزارة الصحة التي تدفع 26350 ليرة للمسنّ باليوم، إضافة الى خمسة عشر مسنّاً على نفقتهم الخاصة. وعلى الرغم من “رمزية” المبالغ المذكورة الا ان التسديد من قبل الوزارتين يحصل متأخراً جداً.

الوزارة لا تبخل على المسنّين بأي دواء أو لقاح موجود في مخازنها وقد سبق أن ساهمت عبر دائرة الرعاية الصحية الأولية التابعة لها، بتأمين لقاحات الانفلونزا واللقاحات الروتينية الموجودة من ضمن البرنامج الوطني للتحصين، وفق ما أكدت رئيسة الدائرة رندة حمادة لـ”نداء الوطن”، كما زوّدت الجمعيات والدور التي ترعى المسنّين في بداية جائحة كورونا بلقاح المقورات الكروية المقترن pcv13 الذي يحمي من الأمراض الصدرية، وبالتالي يؤمّن لهم الحماية اللازمة من وباء كورونا في حال إصابتهم قبل تلقيهم لقاح كوفيد 19. وفور وصول الدفعات الأولى من اللقاحات خصّصت وزارة الصحة دور الرعاية الصحية ونظّمت حملات تلقيح للمسنّين، كونهم من الفئة العمرية الأكثر استهدافاً وفق الخطة الوطنية للتلقيح فبلغت النسبة الملقّحة في تلك الدور تسعين بالمئة.

الموازنة المرصودة لدور المسنّين في وزارة الشؤون الإجتماعية تقدّر اليوم بنحو ثلاثة عشر مليار ليرة، موازنة رمزية جداً أمام واقع الغلاء الشامل تخضع للدرس من قبل الوزارة ووزارة المالية بهدف تضمينها في العام 2022 اعتمادات، لتأمين دعم أكبر للجمعيات التي تقدّم خدمات لكبار السن والمعوقين بشكل خاص بما لا يقلّ عن مئة مليار ليرة، بحسب المدير العام لوزارة الشؤون الذي يؤكّد أن مصادر التمويل لتلك الجمعيات باتت تقتصر اليوم على الوزارة، ما يحتّم إعادة النظر بكلفة الرعاية الصحية لافتاً الى ان من المؤشرات السلبية في البلد، ازدياد فئة كبار السنّ التي بلغت حوالى 13 بالمئة من هرمية المجتمع ما يستدعي وضع خطة طويلة الأمد لتأمين الرعاية اللازمة، في ظل غياب نظام الشيخوخة لا سيما ان غالبية هؤلاء الأشخاص ليس لديهم من يرعاهم أو يعيلهم.

مصدرنداء الوطن - زينة عبود
المادة السابقةإستجرار الطاقة حلّ قد يُحوّل الحلم بكهرباء 24/‏24 إلى حقيقة
المقالة القادمةالأطباء لن يذهبوا إلى المستشفيات والفقراء سينامون جياعاً