إستجرار الطاقة حلّ قد يُحوّل الحلم بكهرباء 24/‏24 إلى حقيقة

أعاد الطرح باستجرار الطاقة إلى لبنان من الأردن إحياء مشروع الربط السداسي المنسي. ما طرحته سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان دوروثي شيا عن إمكانية تسهيل ايصال الكهرباء إلى لبنان من الأردن يبدو خياراً عملياً، وحلاً دائماً لازمة الكهرباء المتفاقمة. وهو قد أتى بناء على طرح صندوق النقد الدولي في العام 2019، واعادة التذكير به من قبل المدير التنفيذي في الصندوق محمود محي الدين منتصف تموز الفائت. الطرح يعمل بحسب المعلومات على خطين متوازيين: الأول يتمثل برفع قدرات الأردن الإنتاجية سواء كان من الطاقة الشمسية أو من خلال تزويده بكميات إضافية من الغاز المصري للمعامل الحرارية، وتمرير فائض الكهرباء إلى لبنان عبر سوريا. على ان يقوم البنك الدولي بتمويل عمليات تأهيل الشبكة وتسديد ثمن الطاقة المحولة لصالح لبنان في الفترة الأولى بقروض ميسرة ومع فترة سماح لمدة سنة. الثاني يتمثل باستجرار الغاز المصري من الأردن إلى شمال لبنان عبر سوريا أيضاً، لتشغيل معمل دير عمار بشكل أساسي، مع إمكانية استحداث خط جديد داخلي لوصل معامل (الذوق والجية الجديدين والزهراني).

من الناحية العملية يعتبر عضو مجلس إدارة كهرباء لبنان الشمالي – قاديشا المستقيل، والمهندس في مجال الطاقة سامر سليم.ان “خيار استجرار الكهرباء مباشرة من الأردن هو أفضل الحلول المقدمة وأسهلها للتطبيق وأقلها كلفة. فهو من جهة يوفر علينا أكلاف بناء المعامل والصيانة والسرقات والسمسرات… وغيرها الكثير من المشاكل العالقة التي يعاني القطاع منها تاريخياً. ويؤمن من الجهة الاخرى، الجزء الأكبر من حاجتنا للطاقة والإستقرار في التغذية. نظراً لكون حاجة لبنان الاضافية اليوم هي بحدود 1800 ميغاواط، في حين تملك الأردن وفراً كبيراً في الإنتاج يتراوح بين 1000 و1500 ميغاواط. ما يساعد على هذا الطرح بحسب سليم هو “تحقيق الأردن قفزات كمية ونوعية لجهة الكميات المنتجة من الطاقة النظيفة بأسعار منخفضة.

وبرأي سليم فان “هناك شبكة جديدة في لبنان جهزت بالتزامن مع تقرير إنشاء معمل دير عمار 2 وهي قادرة على تحمل نحو 550 ميغاواط، يمكن الإستفادة منها سريعاً لضخ الكمية المستجرة، وتخفيف حدة التقنين في مختلف المناطق”.

في المقابل فان استجرار الطاقة الكهربائية من الأردن، لا يتعارض بأي شكل من الأشكال مع استجرار الغاز لزوم المعامل اللبنانية. فـ”هذان المشروعان يكملان بعضهما البعض ويغيران كل طرق المعالجة لأزمة الكهرباء، ويوفران الحل النهائي المطلوب”، برأي سليم، و”لو وصل الغاز في المرحلة الأولى إلى معمل دير عمار فقط فهذا يؤمن إنتاجاً بنحو 450 ميغاواط ويحقق وفراً يقدر بين 150 و200 مليون دولار سنوياً”. ومن الممكن في المراحل اللاحقة التفكير بكيفية إيصال الغاز براً أو بحراً من البداوي شمال لبنان إلى الزهراني جنوبه، مروراً بالذوق والجية لتغذية المعملين الجديدين، وتحقيق وفر سنوي بقيمة 400 مليون دولار. وفي حال تحقيق الهدفين يكون لبنان أصاب ثلاثة عصافير بحجر التعاون العربي الواحد وهي: التخفيف عن ميزانية الدولة، تخفيض العجز في ميزان المدفوعات، تخفيف الانبعاثات المضرة بالبيئة، وأيضاً، لن ننسى التخلص من تحكّم كارتلات النفط القائمة وارتباطها اللصيق بمنظومة الفساد.

إلا أن العقدة الأكبر لا تكمن في ايصال الطاقة عبر الحدود وإجراء اعمال الصيانة على الشبكتين السورية واللبنانية وتصليح خط الغاز، بل بتغيير ما في النفوس محلياً وأخذ القرار من قبل القيمين على الطاقة بالانتقال إلى الحلول الدائمة والتخلي عن الموقتة. فاذا توقف المسؤولون في الطاقة، ومن خلفهم الجهات السياسية الداعمة، عن اعتبار الكهرباء هي الحديقة الخلفية للسمسرات وتحقيق المنافع والتوظيفات السياسية وشبك علاقات المصالح مع الشركات المستوردة للنفط… قد يتأمن الحل بسهولة وبشكل سريع نسبياً. خصوصاً ان الطرح مغطى سياسياً من الولايات المتحدة الاميركية، ومالياً من البنك الدولي. أما في حال العكس فان “اللاكهرباء” ستبقى رهينة المصالح السياسية والمادية الضيقة وستستمر في استنزاف ما تبقى من أموال المودعين بموافقات استثنائية إلى أن “يقضي الله أمراً كان مفعولاً”… وتغيب كلياً.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقة«توتال» لا توزّع خارج بيروت وجبل لبنان!
المقالة القادمةإتجاه لرفع موازنة دور المسنّين إلى مئة مليار