إجراءات مصرفية جديدة للحدّ من السحوبات النقدية بالليرة اللبنانية

بدأ أحد البنوك قبل نحو أسبوع بتطبيق قرار داخلي يخيّر زبائنه ممن يحملون شيكات بالعملة الأجنبية بين خيارين أحلاهما مر: إما الاستفادة فورياً من قيمة الشيك على أساس سعر الصرف المعمول به بين مصرف لبنان والمصارف أي 1500 ليرة، أو وضعه في الحساب لمدة ثلاثة أشهر لكي يصار من بعدها إلى دفعه على أساس التعميم 151 أي على سعر صرف 3900 ليرة. ومن باب الكرم ترك المصرف باب التصرف بالشيك بعد وضعه في الحساب مفتوحاً لجهة إمكانية العميل استعماله لإصدار الشيكات.

الإجراء المترافق مع نقص فاضح في المعلومات عند الموظفين لشرحه أو تفسيره أثار إستياء وسخط المتعاملين مع المصرف. خصوصاً انه يطبق على كافة المتعاملين بغض النظر عن تاريخهم المصرفي أو حجم تعاملاتهم أو حاجاتهم لتسييل الشيكات وقبضها على سعر المنصة لتأمين متطلباتهم الحياتية. وهو يخالف قرار مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف التي أوصت بعدم جواز رفض الشيكات التي يضعها العملاء في حساباتهم اذا لم يكن يشوبها أي شائبة أو تجميدها. وفي جميع الحالات فان معظم المودعين ملزمون بسقف سحوبات يتراوح بين 500 و 1000 دولار شهرياً، ما يعني إن كان الشيك بقيمة 1000 دولار أو 10 آلاف أو حتى 20 ألف دولار.. لن يستطيع العميل سحب أكثر من 3 ملايين و900 ألف ليرة منه شهرياً. فلماذا هذا الإجراء؟

يجيب رئيس لجنة الرقابة على المصارف سابقاً سمير حمود: ان هناك قيوداً عملية لمنع تشريع أبواب السحب من دون أي شروط. فالمطلوب من المصارف ان تضع نسبة 3 في المئة من مجموع ودائعها بالعملة الأجنبية كسيولة في المصارف المراسلة. ما يعني أن شيكاً بقيمة مليون دولار يرتب على البنك وضع 30 ألف دولار نقداً في المصارف المراسلة. هذا من جهة أما من الجهة الثانية فان مصرف لبنان يسمح للمصارف بسحب مبلغ محدد منه على أساس سعر الصرف 3900. ولولا هذا القيد لأصبح سعر صرف الدولار في السوق الموازية أضعافاً مضاعفة عما هو اليوم.

في المحصلة فان قدرة المصارف على شراء شيكات الدولار مرتبطة بقدرتها على بيعها للمصرف المركزي. ومن الطبيعي ألا يكون لها مصلحة في شراء شيك بقيمة 100 الف دولار على سعر 3900 ليرة على سبيل المثال إن كانت ستعجز عن بيعه إلى مصرف لبنان بهذا السعر. ولهذا تعمد إلى فرض الشروط وأحياناً إلى رفض قبول الشيكات. اما عن الدور الذي يلعبه تحديد سقف السحوبات النقدية الشهرية، فهو “يبقى محدوداً أمام عدد الزبائن الكثيرين الذين يبيعون الشيكات بالمبالغ الصغيرة، من أجل تحصيل أكبر قدر ممكن من الأموال النقدية شهرياً”، بحسب حمود. وفي أغلب الأوقات لا يكون السبب تأمين المتطلبات الحياتية بقدر ما هو تحويل الأموال إلى دولار بشكل مباشر، أو غير مباشر عبر زيادة استهلاك السلع المستوردة. وبرأي حمود فان “القيود يجب ألا تشكّل خطراً على المستوى الحياتي والمعيشي للمواطنين. خصوصاً بالنسبة للمودعين الذين يملكون ودائع بمبالغ معتدلة وصغيرة مخصصة لتأمين المتطلبات الحياتية. ويجب على المصارف إعفاء زبائنها الذين يتمتعون بحركة طبيعية ضمن معدلات أرصدتهم من هذا الشرط.

ظاهرة “تنييم” الشيكات لمدة 3 أشهر ستنسحب على كل المصارف. وهي وإن خففت الضغط على البنوك ومصرف لبنان فقد أظهرت إفتقار المؤسسات المصرفية إلى آليات تنظيمية ورقابية مختلفة فعالة في زمن الأزمات. وعلى الرغم من القدرات الفنية واللوجستية الهائلة في القطاع المالي فهو لا يزال عاجزاً عن مواكبة التحديات الخطيرة التي تهدد وجوده ووجود المواطنين معه.

 

مصدرخالد أبو شقرا - نداء الوطن
المادة السابقةسلامة يتمرّد على «الدولار الطالبيّ»
المقالة القادمةمبنى «تاتش»: هندسات قانونيّة أدّت إلى هدر 80 مليون دولار!