إحياء “صيرفة” خفّض الدولار مؤقتاً.. ورفَعَ فواتير الكهرباء والاتصالات

خلال ساعتين من الزمن تراجع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، بنحو 5000 ليرة، من 48000 ليرة إلى 43300 ليرة للدولار (حتى تاريخ نشر هذا التقرير)، بفعل قرار صادر عن البنك المركزي، لم يقرأه على الأغلب معظم الذين سارعوا إلى الصرّافين لبيع الدولارات خوفاً من انخفاض إضافي بسعر الصىرف.

البيان الذي اصدره مصرف لبنان أمس وإن كان فتح سقف بيع الدولارات عبر المصارف اللبنانية للعموم، كما كان الحال منذ أشهر، غير أنه رفع أيضاً سعر دولار منصة صيرفة نحو 7 آلاف ليرة دفعة واحدة، من 31200 ليرة إلى 38000 ليرة للدولار. ما يعني أن تراجع سعر صرف الدولار في المرحلة المقبلة عن سقف 38000 ليرة، بات أمراً شبه مستحيل.

ما الجديد في بيان “المركزي”؟

أكد مصرف لبنان في بيانين منفصلين صدرا أمس الثلاثاء، 27 كانون الأول 2022، أنه سيقوم ببيع الدولارات على السعر الجديد لمنصة صيرفة، أي 38000 ليرة، مقابل الليرات اللبنانية للأفراد والمؤسسات من دون سقف لقيمة العمليات. كما أكد أن ليس من شروط متعلقة بتنفيذ تلك العمليات. فما الجديد بالبيان؟ ولماذا دفع بالدولار إلى التراجع الكبير اليوم؟

قرار المركزي ليس جديداً بل هو قرار قديم، صدر عقب التعميم 161 في الأشهر الأولى من العام 2022. استمر بتنفيذ مثل تلك العمليات لأشهر، شهدت خلالها المصارف طوابير من حاملي حقائب الليرات وحتى الأكياس، وتحوّلت حينها إلى تجارة يومية للكثيرين ممن حققوا منها أرباحاً بالملايين، وبدّد فيها مصرف لبنان المليارات من الدولارات. أما النتيجة فكانت استمرار ارتفاع سعر الصرف من دون توقف منذ بداية العام 2022 وحتى نهاية العام.

وفي الأشهر الأخيرة من العام 2022 تقلّصت عمليات منصة صيرفة، وتم حصر مبيعاتها للدولار بفئة ضيقة من التجار وقلة من موظفي القطاع العام. أما اليوم، بعد ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل متسارع جداً في فترة الأعياد وبلوغه أرقاماً قياسية فاقت 48000 ليرة، تدخّل مصرف لبنان ليستأنف قراره السابق بفتح منصة صيرفة للعموم، ومن دون سقوف.

هذا الإجراء الذي اختبره اللبنانيون سابقاً، ولم ينجح بضبط سعر الصرف سوى لأيام معدود، نجح اليوم بإحداث خفض سريع للدولار مقابل الليرة، وسط توقعات باستمرار عملية الضبط تلك لأيام وربما لأسابيع قليلة بأحسن الاحوال.

الفواتير تحلّق

باختصار، نجح البنك المركزي في إبطاء عملية ارتفاع سعر صرف الدولار، لكن من غير المتوقع أن يتمكن من ضبط سعر الصرف لمدة طويلة. كما من غير المتوقع أيضاً أن يتراجع سعر الصرف لما دون الحدود التي رسمها البنك المركزي في بيانه الأخير أي 38000 ليرة. ومن هنا يدخل اللبنانيون في أزمة جديدة تقوم على تحليق الفواتير بكافة أشكالها.

فتعرفة الكهرباء والاتصالات الخليوية والضرائب، لاسيما ضريبة الدخل والرسوم وحتى المعاملات الرسمية.. مرتبطة جميعها بدولار منصة صيرفة. وبالنظر إلى ارتفاع سعر دولار منصة صيرفة 7 آلاف ليرة دفعة واحدة، أو ما يعادل نسبة 18.5 في المئة، فإن تلك الفواتير سترتفع بالنسبة المئوية نفسها تلقائياً، وهي مرشّحة إلى الزيادة في حال ارتفاع سعر منصة صيرفة في المرحلة المقبلة.

ولا شك أن عمليات المضاربة على العملة وتهريب الدولارات خارج الحدود، كما ذكر مصرف لبنان، تقف بشكل مباشر وراء تسارع سعر صرف الدولار في فترة الأعياد، غير أن قرار المركزي برفع سعر منصة صيرفة إلى 38000 ليرة حالياً، سيطيح بما تبقى من قدرة شرائية لدى اللبنانيين، العاجزين عن سداد فواتير الاتصالات والكهرباء والضرائب والرسوم وغيرها.

أضف إلى استمرار التجار بما فيهم تجار المواد الغذائية اليوم في تسعير المنتجات على أساس السعر المرتفع للدولار. ويصل لدى البعض -وفق ما تؤكد المصادر- إلى 50 ألف ليرة. ما يطيح بأي جهود لخفض سعر الصرف كما حصل اليوم.

مصدرالمدن - عزة الحاج حسن
المادة السابقةتهريب العملة وجشع المصارف: أسباب ارتفاع الدولار في لبنان
المقالة القادمةلمكافحة سوقها السوداء: “المالية” تجيز استبدال الطوابع بقيمتها نقداً