إدفعوا بوليصة التأمين لديكم بشيك دولار… وإلاّ!

مع تخبّط اللّبناني بأزمات متتالية بسبب تلاعب سعر صرف الدولار، أتت مصيبة جديدة لتحلّ على رأسه؛ بوليصة التأمين. فالمواطن الذّي كان حريصاً على تجديد بوليصة سيارته فور إنتهاء صلاحيتها، بات اليوم يفكر مرتين إذا كان يريد ان يجدد أو يلغي التأمين من أساسه. بما أنّه إذا دفع بوليصته بالليرة، لم تعد تغطي الشركة سوى قلّة من كلفة الأضرار، لتكون بمثابة «تذكير» له عن مدى إنهيار عُملته. فما الفرق بين دفع بوليصة التأمين بالليرة أو شيك بالدولار؟ وهل من بديل لمحافظة المواطن على سيارته؟

«صلّحت سيارتي على حسابي حتّى ما تروح كسر أو إدفع مرتين أكتر»، بهذه العبارة إختصر هشام مشكلته مع شركة التأمين. إذ بعدما إستمّر شدّ الحبال بين الطرفين لمدّة ستة أشهر، بات أمام هشام حليّن: إمّا يتقاضى مبلغاً من الشركة ويستغني عن سيارته، وإمّا تغطي الشركة مبلغاً بسيطاً من 25 مليون ليرة، وهي كلفة التصليح وفقاً لها. وما يتبقى من المبلغ يسدده هشام، بما أنّ بوليصة التأمين لديه بالليرة.

قبل الموافقة على إستئناف عمليات التصليح بالتعاون مع الشركة، إستشار هشام بعض الخبراء وتفاجأ أن سيارته تكلف مبلغاً اقلّ بكثير عمّا قيل له. لذا لجأ الى تصليح سيارته على نفقته الخاصة وبغنى عن شركة التأمين التّي باتت بالنسبة له عبئاً وليست راحة بال.

البوليصة: بالليرة مقابل شيك بالدولار

يقول المستشار في شؤون التأمين كارلوس زغيب أنّ «تتقاضى شركات التأمين ثمن البوالص إمّا بالليرة بحسب سعر الصرف الرسمي، وإمّا شيك بالدولار. وتغطي للزبون بحسب العملة المعتمدة في العقد التأميني. في حال سدد المؤمَن له بوليصته بالليرة، فستغطي الشركة 65% من قيمة سيارته بالليرة عند تعرّضها لحادث. على سبيل المثال، إذا كانت قيمة السيارة تُقدّر بـ 20 ألف دولار (أي 30 مليون ليرة)، ستغطي شركة التأمين 65% من 30 مليون ليرة على أساس سعر صرف الدولار في السوق السوداء، أي ما يوازي اليوم حوالي الـ 2100 دولار فقط للتصليح». بما أن قطع السيارات برمتها مستوردة وكلفتها بالدولار.

وإذا فاقت كلفة التصليح هذا المبلغ، فسينص تقرير الشركة أن السيارة باتت للكسر وتعوّض على المؤمَن له مبلغ ضئيل من المال. أو الحلّ الثاني هو تغطية الشركة لـ 55% من الـ 30 مليون ليرة والباقي يتكبدها المواطن على نفقته الخاصة لتصليح سيارته.

ويضيف زغيب أنّ «في حال دفع الزبون بوليصته شيكاً بالدولار، فسترتفع نسبة إحتياطي التصليح لديه. إذ تغطي الشركة 65% من الـ 20 ألف دولار أي يكون بحوذته حوالى 13 ألف دولار لتصليح سيارته على نفقة الشركة. وإذا بات مصير السيارة الكسر، فسيتقاضى المؤمَن له مبلغ 20 ألف دولار شيكاً مصرفياً ما يوازي 7400 دولار في السوق السوداء».

حلول شبه «خياليّة»

يشير زغيب إلى أنّ الحّل الأنسب هو تسديد الزبون بوليصة التأمين لديه من خلال شيكاً بالدولار لكي يرفع سقف إحتياط التصليح ويكون فعلاً المواطن «مؤمناً» على سيارته. ولكن كيف على لبناني يتقاضى راتبه بالليرة أن يسدد بوليصته بشيك مصرفي بالدولار؟

فهذا ما أدى لجزءٍ كبير من الزبائن أن يفسخوا عقود التأمين لديهم. ويؤكد زغيب أنّ «شهدت الشركة تراجعاً بعدد الزبائن كون بوالص التأمين إرتفعت أسعارها أيضاً؛ فالبوليصة التّي كانت ب600 دولار باتت اليوم بين الـ 900 والـ 1000 دولار». وبرّر ذلك من خلال رفع الشركة لقيمة السيارة وبالتالي يرتفع مبلغ التعويضات. «بالنهاية، ما فينا نخسر بقى»، هكذا ختم زغيب حديثه مؤكداً أنّ هذا القطاع تأثر في ظلّ الأوضاع الإقتصادية السيئة.

ظاهرة جديدة: «التاكسي أضمن!»

وفقاً لتقرير الشركة الدّوليّة للمعلومات «تراجعت نسبة حوادث السير منذ بداية 2020 حتّى شهر أيلول مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2019 بنسبة 35.7%». سبب هذا التراجع يعود إلى التعبئة العامة في ظلّ جائحة كورونا من جهة، وبسبب تنقل المواطن من خلال سيارة الأجرة والإستغناء عن خدمات سيارته من جهة أخرى. وبحسب إحدى مكاتب سيارات الأجرة، إرتفعت نسبة الزبائن لديها حوالي 55% منذُ أوّل السنة حتّى شهر أيلول مقارنةً مع الفترة عينها من العام الماضي.

إذا إستوفى المواطن بوليصة التأمين لديه بالليرة «أكل الضرب». وإذا حاول البحث عن حلول لاقى في «التاكسي» حلاً آمناً ليخفف أعباء مالية هو بغنى عنها. لبنان على أبواب الشتاء، لذا، في ظلّ غياب «تأمين» فعّال للسيارة، يبقى توخي الحذر أثناء القيادة هو «التأمين» الأوفر للمواطن.

 

مصدرغنوة عطية - الديار
المادة السابقةارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء
المقالة القادمةالمستخدمون يشتكون من عيوب في هواتف آيفون الجديدة