إستمرار الدعم: “خسارة مثلّثة بلدية أصيلة”

ي سبيل إيجاد مخرج لا “يُميت” قرار المركزي النهائي باحتساب المحروقات على سعر السوق، و”لا يفني” موقف السلطة التنفيذية من رفع الدعم قبل اعطاء البطاقة التمويلية، اقترح وزير المالية حلاً وسطياً “يحفظ ماء وجه” كل من في السلطة، ولو على حساب “تسويد” عيشة كل المواطنين، إذ طلب من مصرف لبنان فتح حساب موقّت لتغطية دعم عاجل واستثنائي للمحروقات من بنزين ومازوت وغاز منزلي ومقدمي الخدمات وصيانة معامل الكهرباء، وذلك بما يمثل قيمة الفرق بين سعر صرف الدولار الأميركي بحسب منصة “صيرفة” والسعر المعتمد في جدول تركيب الاسعار والمحدد بـ 8000 ل.ل. الحد الأقصى للدعم حدد بـ 225 مليون دولار أميركي لغاية نهاية شهر أيلول. على أن يتم تسديد هذه الفروقات بموجب اعتماد في موازنة العام 2022. كما تم التوافق على إعطاء مساعدة اجتماعية طارئة بما يساوي أساس الراتب الشهري أو المعاش التقاعدي لجميع موظفي الإدارة العامة مهما كانت مسمياتهم الوظيفية، مع امكانية توسيعها لموظفي البلديات. ورفع بدل النقل من 8 آلاف ليرة لبنانية إلى 24 ألفاً.

الحلول التي تَطرح أسئلة أكثر مما تقدم من أجوبة، وتتسبب بمشاكل أكبر… “لا تلغي الأزمة”، بحسب الخبير الإقتصادي وعضو مكتب المجلس الإقتصادي والإجتماعي د. أنيس بو دياب. فسقف الدعم محدود جداً، مقارنة مع الحاجة لتعويض النقص الحاد في الكهرباء، وارتفاع الطلب على المازوت، وعدم إيجاد الحل الناجع لأزمة التهريب. حيث كان من الملفت خلو خطاب رئيس الجمهورية في الأول من أمس من أي اشارة ولو بسيطة إلى التهريب”. وكأن ما يجري بحسب بو دياب “هو تمديد للأزمة باستنزاف 225 مليون دولار من الإحتياطي. واذا أردنا مقارنة المبلغ المقدم مؤخراً، مع ما جرى انفاقه على المحروقات في تموز الفائت لاعتمادات قديمة وجديدة بقيمة 826 مليون دولار، نكون ما زلنا في المربع الأول من حيث الإصطفاف على المحطات والتقنين في الإستهلاك بسبب عدم كفاية الإعتمادات. خصوصاً اذا لم تترافق هذه العملية مع ضبط محكم للأسواق لمنع التخزين والتهريب والتلاعب.

على الرغم من كل الضغوط على الليرة وعلى مالية الدولة وسعر الصرف فقد ترافق قرار تمديد الدعم على المحروقات مع انفاق ما يقارب 750 مليار ليرة كمساعدة اجتماعية لموظفي الدولة، ورفع بدل النقل بقيمة 1200 مليار ليرة، في حال عدم اقتصاره على موظفي الإدارة العامة (نحو 30 ألف موظف) كما نص الإقتراح الأساسي للمالية. وبرأي بو دياب فان “بند الرواتب والاجور وحده سيزيد النفقات العامة في الموازنة بنسبة 13 في المئة، وستضطر الدولة إلى تغطيته من خلال طباعة المزيد من النقود.

اللجوء إلى حل ترقيعي مرة جديدة “فوّت علينا إمكانية تخفيض سعر الصرف، في ما لو رفع الدعم كلياً عن المحروقات”، برأي بو دياب. فـ”في حال ترافق رفع الدعم كلياً، مع استمرار مصرف لبنان بفتح الاعتمادات بالدولار يجعل من الأخير المحتكر الوحيد لليرة اللبنانية، ويمكّنه من ضبط السوق بالليرة والتحكم بتخفيض سعر الصرف في السوق الموازية. الإجراء الذي “لا يسمن ولا يغني عن جوع”، بحسب بودياب، ما هو إلا “خسارة مثلثة”، بحسب أبو سليمان. فالمواطن سيتكبد ضعف ما كان يدفعه، والدولة ستتحمل ديناً اضافياً، والنزيف بالإحتياطي سيستمر. وفوق كل هذا، المشكلة لن تحل إلا مع رفع الدعم كلياً.

 

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةموجة جديدة من التضخّم: نصف رفعٍ للدعم لا ينهي أزمة المحروقات
المقالة القادمةالسواد حالك والناس “تحترق”… أهلاً بكم في جهنّم!