إستيراد البنزين…كيفْ ما بَرَمت فيها مشكلة

لا توجّه حتى الساعة لوقّف مصرف لبنان مدّ قطاع المحروقات (باستثناء المازوت) بالدولارات اللازمة، حتى لو باع المركزي الدولارات للشركات بسعر السوق الحقيقي، أي رفعه من 14 الفاً الى 16 او 17 الفاً وربما اكثر لاحقاً.

في المقلب الآخر، هناك أصوات مطالبة وداعمة لتحرير أسعار المحروقات كلياً وكفّ يد المركزي وتسليمها كلياً الى الشركات المستوردة للنفط. فهي من جهة قد لا تشكّل ضغطاً على السوق الموازي، لأنّ باستطاعتها تأمين الدولارات من حساباتها في الخارج، وهي قادرة تماماً على تأمين حاجة السوق من المحروقات.

في هذا الإطار، أكّد عضو نقابة الشركات المستوردة للنفط مارون شماس أنّ «مصرف لبنان مستمر بتأمين الدولارات لاستيراد البنزين، على عكس المازوت، بحيث ما عاد من داعٍ للمرور بمصرف لبنان. فنحن نؤمّن الدولارات الفريش للاستيراد». ولفت الى انّ موضوع البنزين مختلف. فمصرف لبنان مستمر بالتدخّل في عملية الاستيراد، وهو يطلب منا تأمين الليرة اللبنانية على ان يؤمّن بدوره الدولارات التي نحتاجها وفق سعر صرف 14 الف ليرة.

ورداً على سؤال، أشار شماس الى انّه «حتى الآن يبدو انّ هذه الآلية ستبقى معتمدة لفترة ولن تتوقف نهاية أيلول كما كان متفقاً عليه». وعن إيجابيات او سلبيات إبقاء سوق البنزين تحت سيطرة ومراقبة المصرف المركزي، يرى شماس ان لا إيجابيات لهذه الخطوة، انما سلبيات تنتج خصوصاً عن تأخّر مصرف لبنان في إعطاء الموافقة لفتح الاعتمادات للبواخر، وكلما تأخّر بالدفع كلما تسبب بمشاكل، على عكس ما هو حاصل اليوم مع المازوت، فالبضاعة باتت متوفرة بكميات.

اما عن خلفيات إبقاء التحكّم بسوق البنزين بيد المصرف المركزي، يؤكّد شماس أن لا معلومات لديه في هذا الخصوص. الّا انّه لم يستبعد ان يكون الغرض من وراء ذلك السيطرة على كميات البنزين المستوردة، والتي تدخل الى البلد.  وكشف شماس انّ مخزون البنزين المتوفر راهناً يكفي السوق لحوالى الأسبوع، وقد بدأنا كشركات بتقديم طلبات للاستيراد، ونرجو الإسراع في فتح الاعتمادات تجنّباً لتكرار أزمة البنزين.

من المعلوم انّ الدولة دخلت شريكاً مع القطاع الخاص في استيراد المازوت، وهي تفرغ حمولتها في منشأتي الزهراني وطرابلس، فما الذي يحول دون تكرار التجربة بمادة البنزين لتنفيس السوق؟ في السياق، يقول رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر لـ«الجمهورية»: «اننا لطالما دعينا لأن تدخل الدولة كشريك مضارب في سوق المحروقات، وقد وصلت حصتها السوقية من المازوت الى حوالى 15%.» اما عن الأسباب التي تحول دون دخولها شريكاً في استيراد البنزين، يقول الأسمر: «انّ الجواب أتى على لسان وزير الطاقة السابق ريمون غجر، الذي يقول انّ هناك شركات وكارتيلات كبيرة خلف البنزين. لذا كانت هناك خشية من ان تخسر الدولة في سوق المضاربات اذا دخلت كشريك، وهذا ما سيكبّدها خسائر كبيرة».

أضاف: «الكل يعلم انّ سوق المحروقات في لبنان محتكرة من 11 شركة، ولا قدرة لأحد على الدخول في منافسة معها. اليوم، ورغم تحرير المازوت، لا يزال هناك شح في هذه المادة ولا التزام بالتعرفة الرسمية، ما يؤكّد اننا امام واقع مرير في هذا القطاع، يتمثل بالاحتكارات وسوق سوداء داخلية تكاد تضاهي سوق التهريب الى خارج الحدود».

ورداً على سؤال اعتبر الأسمر، انّه اذا كان الهدف من تجفيف السوق من البنزين ضبط عمليات التهريب خارج الحدود، فهذه العملية أدّت الى حصار السوق الداخلي. ولفت الى انّه اذا توقف المركزي عن فتح اعتمادات للمحروقات فهذا يعني ترك السوق للتجار. وفي جميع الأحوال نحن مقبلون على كارثة. فإذا استمر مصرف لبنان بسياسة التقنين ستستمر الأزمة، اما اذا خرج من السوق فسيضطر التجار الى شراء الدولار من السوق الموازي، فيزيد الطلب على العملة الخضراء ويرفع من سعرها الى مستويات قياسية جديدة. لذا دعا الحكومة الى التحرك وإعداد خطة لأزمة المحروقات.

مصدرجريدة الجمهورية - ايفا ابي حيدر
المادة السابقةرؤية دولية قاتمة لآفاق الاقتصادات الفقيرة
المقالة القادمةاتجاه لوضع “طبخة دسمة من التعيينات” على نار حامية…