إضراب القطاع العام: الدولة تهدّد موظفيها وتتآمر لشرذمتهم

ليس جديداً على السلطة السياسية في لبنان أن تتعامل مع قضايا مطلبية على طريقة “تشحيل” المطالب و”شرذمة” طالبيها، وبدلاً من التعامل مع مطالب موظفي القطاع العام بجدّية لحل الإضراب المستمر منذ أكثر من شهرين، بما يُرضي كافة الأطراف، عمدت إلى إطلاق التهديدات لمجموعات من الموظفين والمديريات لإرغامهم على تعليق الإضراب والعودة إلى العمل.

وإن نجحت السلطة بتحقيق بعض الخروقات للإضراب غير أنها فشلت في تعليقه، كما أخفقت في حل أزمة تسهم بتعطيل معظم القطاعات. وعلى الرغم من تشدد رابطة موظفي القطاع العام باستمرار الإضراب المفتوح، تشهد بعض الإدارات والمؤسسات استئنافاً للعمل، وإن بشكل جزئي. فما الذي حققه موظفو القطاع العام بعد شهرين من الإضراب؟ وما هي فرص تحقيقهم المطالب الني يرفعونها، والتي لم تلق أي ترحيب من قبل الحكومة؟

خروقات للإضراب

تقتصر خروقات موظفي القطاع العام للإضراب المفتوح على بعض المؤسسات والإدارات كوزارة المالية ووزارة العمل ووزارة العدل وغيرها. لكن تلك الخروقات وإن توزّعت على المؤسسات غير أنها لم تبلغ أعداداً كبيرة من الموظفين. فالغالبية الساحقة من موظفي القطاع العام لا يزالون ملتزمون الإضراب العام.

وحسب رصد “المدن”، فإن قلة من المديريات استأنفت عملها بعد حضور عدد من موظفيها وتعليقهم الإضراب، من بينها دائرة المساحة العقارية في بعبدا، وعدد من موظفي المؤسسة العامة للإسكان، وعدد من المساعدين القضائيين، وبعض موظفي وزارتي التربية والعمل، باستثناء دائرة الصرفيات في وزارة المالية، التي حضر موظفوها إلى مركز عملهم بهدف إنجاز جداول الرواتب لموظفي القطاع العام والأجهزة الأمنية، مع ترجيح استئنافهم الإضراب بعد أداء مهمتهم منتصف شهر آب، وفق ما هو متوقع.

ويكشف المصدر عن أن معظم الموظفين الذين علّقوا الإضراب واستأنفوا عملهم، تعرّضوا لضغوط وتهديدات من قبل إداراتهم، ومنهم موظفي مديرية الضريبة على القيمة المضافة TVA وموظفي وزارة العمل وصلت إلى حد التلويح بالفصل من الوظيفة. علماً ان مسألة فصل موظف من القطاع العام لا تعود إلى إدارته المباشرة وليست بالأمر العابر.

لا تراجع عن الإضراب

تجزم رئيسة رابطة موظفي القطاع العام، وهي المتحدثة باسمهم، نوال نصر، في حديثها إلى “المدن”، بأن لا تراجع عن الإضراب العام المفتوح حتى تحقيق المطالب: “وكل ما صيغ من تقديمات للموظفين لا يرقى إلى المطالب، ولا تتعدى قيمته القيمة الواقعية لبدل النقل للموظفين إلى مراكز عملهم”.

وإذا كان بعض الموظفين حضروا إلى أماكن عملهم لقرب مقار سكنهم منها، فذلك لا يعني أن الإضراب انتهى، تقول نصر، رغم محاولات البعض تصوير الأمر على أنه إفشال للإضراب، فالغالبية الساحقة من الموظفين لن يعودوا إلى العمل قبل تحقيق مطالبنا، التي تعوض بعض ما خسرناه من رواتبنا وتجنّبنا عمل السخرة الذي تفرضه علينا السلطة. وتسأل نصر هل تهديد بعض الموظفين وإرغامهم على استئناف العمل يأتي في سياق حل الأزمة؟ وهل إعادة الموظفين قسراً إلى مكاتبهم سينجح في تسيير العمل؟

وإذ يكشف مصدر آخر عن محاولات عديدة للسلطة ليس فقط لتهديد الموظفين إنما أيضاً الترويج لتشتتهم وانقسامهم، في سبيل إفشال الإضراب وتعليقه.. تدعو نصر “كافة العاملين في القطاع العام للتمسك والإلتزام بالإضراب وعدم الخضوع للتهديدات في سبيل الدفاع عن الحقوق وتحصيلها”.

مساع جديدة

مساع جديدة تبذلها الحكومة مع موظفي القطاع العام بهدف فك الإضراب. وحسب معلومات “المدن”، يحاول وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هيكتور حجار صوغ طروحات جديدة تشكل دعماً لرواتب ومخصصات الموظفين، على أن يتم إلحاقها بالتقديمات السابقة التي تم إقرارها بموجب مرسوم صادر عن الحكومة. ويكشف المصدر أنه يتم العمل على تأمين بدلات نقل بموجب مساعدات عينية للموظفين، يرجّح أن تتمثل بشكل من أشكال الدعم لعدد من صفائح البنزين لصالح الموظفين، بما يتلاءم والبعد الجغرافي عن مقر العمل.

يُذكر أن التقديمات التي أقرتها الحكومة لموظفي القطاع العام تتلخص بمنح مساعدة مالية إضافية تعادل قيمة راتب كامل، وبدل نقل يومي مقداره 95000 ليرة، شرط حضور الموظف يومين على الأقل بالأسبوع، وإعطاء تعويض إنتاج عن كل يوم حضور فعلي إلى مركز العمل في الإدارات العامة وتعاونية موظفي الدولة، وذلك لشهري آب وأيلول على النحو الآتي: 150000 ليرة لموظفي الفئة الخامسة وما يماثلهم من المتعاقدين والأجراء ومقدمي الخدمات. 200000 ليرة لموظفي الفئة الرابعة وما يماثلهم من المتعاقدين. 250000 ليرة لموظفي الفئة الثالثة وما يماثلهم من المتعاقدين. 300000 ليرة لموظفي الفئة الثانية. 350000 ليرة لموظفي الفئة الأولى. على أن لا يستحق التعويض المذكور إلا بحضور الموظف فعلياً إلى مركز عمله ثلاثة أيام على الأقل أسبوعياً خلال الدوام الرسمي.

في المقابل يتمسّك موظفو القطاع العام بمطالبهم القائمة على احتساب الرواتب وفق سعر صرف الدولار المصرفي، أي 8000 ليرة، وبدل النقل حسب المسافات، وتصحيح بدل الاستشفاء والتعليم.

مصدرالمدن - عزة الحاج حسن
المادة السابقةميزانيّة المركزي: زيادة مفاجئة في الاحتياطات وقيمة الذهب
المقالة القادمةأيّ لبنان سيكون إذا بدأ استثمار الغاز؟