على بعد أيام قليلة من إعلان المصارف بياناتها المالية العائدة للعام الماضي، أصدر مصرف لبنان مذكرة ادارية حملت الرقم 2272 قضت بتشكيل “لجنة اعادة هيكلة المصارف”. وهو ما يعني عملياً تصنيف البنوك، وتحديد المتعثرة منها والعاجزة عن إعادة تكوين رساميلها. ومن بعدها البدء بمرحلة التصفية، الاستحواذ والاندماج من أجل بناء قطاع مصرفي قوي وسليم.
خطوة مصرف لبنان المطلوبة من صندوق النقد الدولي، والتي جرى تأجيلها، أصبحت حتمية مع التوقع الكبير بأن تظهر النتائج المالية للكثير من المصارف خسارات حتمية. فالنتائج السيئة لن تقف عند حدود مخالفتها للمعايير الدولية وتحديداً منها IFRS9 المطلوبة من بازل، بل أيضاً تلك العائدة إلى تعديلات مصرف لبنان الأخيرة. فإعلان الدولة توقفها عن سداد الديون بالليرة اللبنانية والعملات الاجنبية وتخلف الافراد والمؤسسات عن سداد الديون نتيجة الازمة الاقتصادية، راكم خسائر المصارف وجعلها عاجزة عن إعادة تكوين رساميلها بنسبة 20 في المئة، كما طلب مصرف لبنان لغاية نهاية الشهر الماضي.
وبالرغم من كل المساعدة التقنية التي قدمها مصرف لبنان لجهة امكانية المصارف تكوين مؤونات على محافظ التوظيفات، لدى مصرف لبنان بالليرة اللبنانية وبالعملات الاجنبية وعلى التوظيفات في سندات الخزينة مع الدولة تدريجياً لمدة 5 سنوات، وعدم تخفيض تصنيف ديون العملاء في حال حصول تأخر في تسديد ديونهم، وتمديد طلب زيادة أموال المصارف الخاصة (رأسمالها) بنسبة 20 في المئة إلى نهاية العام الحالي، وذلك عبر أدوات جديدة من أي نوع من الادوات الرأسمالية بالعملات الاجنبية التي يمكن قبولها ضمن مختلف فئات الاموال الخاصة المحددة في هذا القرار. والسماح لها باعادة تقييم أصولها من أبنية وعقارات، بحسب القيمة السوقية الحالية وزيادة قيمتها الدفترية… فإنّ الخسارات ستبقى كبيرة وهو ما أصبح يتطلب الدخول بعملية الهيكلة سريعاً.
إلا ان السؤال المطروح اليوم هو حول ما إذا كانت الخطوة هي استباق لإعلان المصارف نتائجها، ومحاولة التفاف على تنفيذها خارج مظلة صندوق النقد الدولي. إذ إن مثل هذا الإجراء الذي يقع في صلب انتشال لبنان من أزمته يجب ان يكون تحت إشراف “صندوق النقد الدولي” بما يضفي عليها المصداقية وحسن سير الأمور.