إقفال لبنان: المنشآت السياحية والتجار يخشون تفاقم الخسائر

لم يعد أمام اللبنانيين الكثير من الخيارات في ظل انتشار فيروس كورونا وتردي الأوضاع الاجتماعية والنقدية والاقتصادية والمعيشية، فإما إقفال البلد حفاظاً على الصحة العامة، وهو ما يؤدي حتماً إلى ارتفاع الخسائر المالية والبطالة والفقر، أو وقف قرار التعبئة العامة، ولا سيما مع قدوم موسم الأعياد، الذي قد ينعش بعض الشيء السوق والمؤسسات السياحية، وتشديد التوعية والتدابير الوقائية، وهو ما لم ينجح سابقاً في الحد من انتشار الوباء، فكانت العودة إلى “المربّع الأولّ”.

خياران لا ثالث لهما، بينما الدولة اللبنانية تعجز عن تقديم البدائل، أقلّه للأشخاص الأكثر ضعفاً وفقراً وتأثراً بالإقفال. روني مثلاً، وهو سائق أجرة، كان يقود سيارته يومياً من الصباح حتى ساعات المساء المتأخرة لتأمين لقمةِ العيش والحاجات الأساسية له ولأسرته. اليوم، يقول لـ”العربي الجديد”، إنه يقف عاجزاً أمام قرار الاقفال وإجراءات السير المشددة وحظر التجوّل وتحديداً يوم الأحد، ففي هذا النهار، يقصده أشخاص لرحلة بعيدة المسافات يكسب منها أموالاً إضافية.

كذلك وضع جو، الذي يملك محلاً للألبسة والأحذية، ليس إلّا متجراً صغيراً، يشهد زحاماً للزبائن في ثلاث فترات من السنة بشكل أساسي، مع بداية الصيف، وبدء الفصل الدراسي، وموسم الأعياد، لكنه هذا العام خسر الكثير في الفترتين الأكثر ربحاً، ويتمنّى على الدولة ألا تحرمه من العيد، فمن خلاله يمكنه رسم بسمة على وجه أولاده في العطلة، وفق قوله لـ”العربي الجديد”.

يقول الباحث في “الدولية للمعلومات”، محمد شمس الدين، لـ”العربي الجديد”، إن الخسائر اليومية المترتّبة على الإقفال العام تتراوح بين 50 إلى 60 مليون دولار. أما القطاعات الأكثر تضرّراً، فهي المطاعم، ومحلات بيع الألبسة والأحذية والعطورات، ويليها قطاع النقل.

وبدأ لبنان مرحلة الإقفال العام يوم السبت الماضي، على أن تستمرّ حتى نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، علماً أنّ وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، أعلن، الثلاثاء الماضي، أنه يمكن إعادة النظر في القرار يوم الجمعة وفتح بعض المصالح، ولا سيما في حال انخفض عدد الإصابات بفيروس كورونا.

من جهته، يقول الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية جان بيروتي، لـ”العربي الجديد”: “وافقنا على الإقفال العام لمدّة 15 يوماً، بهدف خفض معدّل الإصابات وإراحة الطاقم الطبي، رغم أننا صدمنا بالقطاعات المستثناة من الإقفال واتساع دائرتها، ويجب أن يكون هناك تقييم خلال هذه الفترة، للنتائج”، مشدداً على رفض الامتثال لأي قرار جديد بتمديد الإقفال، في فترة الأعياد.

ويضيف بيروتي: “القطاع السياحي أصبح على شفير الهاوية، والإفلاس، نتيجة الأحداث المتراكمة والأزمات التي فاقمها حجز المصارف لودائعنا بالدولار الأميركي والقيود المشددة التي وضعتها على السحوبات، إضافة إلى فيروس كورونا، وقرارات الإقفال والفتح بين فترةٍ وأخرى، وبالتالي، فإنّنا لم نعد نحتمل أي إقفال جديد، ولا سيما أنّ الدولة لم تقدّم بديلاً أو تعويضاً أو تتخذ إجراءً لصمود القطاع، كما فعلت دول العالم التي لجأت إلى الإقفال، من دفع رواتب للموظفين بنسبٍ كبيرة، وبدلات الإيجار، وغيرها من الإجراءات الاستثنائية لإراحة المواطن في ظلّ الظرف الصحي الدقيق”.

وتابع الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية أنه “من المؤسف أن هناك من يلتزم بالإجراءات والتدابير الوقائية، والمعايير الصحية المطلوبة تقفل مؤسساته ومصالحه، في حين أن هناك قطاعات لا تحترم المواصفات بقيت أبوابها مفتوحة، في ظلّ وجود مناطق أيضاً عصيّة على الدولة.”

في الإطار نفسه، طالب رئيس جمعية تجار بيروت، نقولا شماس، المعنيين بإعادة النظر في قرار الإقفال، ومعاملة القطاع التجاري مثل باقي القطاعات الإنتاجية في البلاد، والعمل بنصف الطاقة التشغيلية لجهة الموظفين، وإلا التعويض عن الخسائر المتراكمة، مشيراً إلى أن القطاع التجاري هو المتضرّر الأكبر من الأزمة المالية والنقدية المستفحلة.

وقال شماس: “إننا اختبرنا في مراحل سابقة خطورة وسلبية إقفال المحال والمجمعات والأسواق التجارية، التي تعاني من تدهور خطير بلغ ما بين 70% إلى 90% وفقاً لمؤشر جمعية تجار بيروت، علاوة على موجة الإقفال النهائي الكثيفة التي تطاول العديد من المؤسسات التجارية العريقة، نتيجة لسياسات التوقف القسري عن العمل المتكررة”.

مصدرالعربي الجديد
المادة السابقةاليورو يتغلب على الدولار الأميركي في المدفوعات الدولية للمرة الأولى منذ 7 سنوات
المقالة القادمةأغلى مدن العالم خلال 2020 وتأثيرات جائحة كورونا على تكاليف المعيشة