اتساع الشكوك في جدوى صناعة تدوير البلاستيك

اتسعت الشكوك في جدوى الاتجاه نحو صناعة تدوير البلاستيك بعدما وقف المحللون وخبراء البيئة على مدى الانتكاسة التي تتعرض لها جهود التقليل من التلوث والاستفادة من المخلفات.

وفي حين تسعى حكومات في أوروبا والمنطقة العربية إلى إنشاء قاعدة قوية في مجال التدوير، تبدو منظمات دولية غير مقتنعة بما يحدث في السوق الأميركية.

وذكرت منظمة غرينبيس في تقرير نشرته الاثنين أن معدّلات إعادة تدوير البلاستيك تشهد انخفاضا في الولايات المتحدة بينما ترتفع تلك المرتبطة بإنتاج هذه المواد.

واعتبر معدو التقرير أن الكلام في هذا القطاع عن وجود اقتصاد دائري للبلاستيك مجرّد “وهم”.

وكدليل على صحة وجهة نظرهم ساقوا أرقاما صادمة حول ذلك، تتمثل في أن المنازل الأميركية أنتجت 51 مليون طن من النفايات البلاستيكية العام الماضي، في حين أُعيد منها تدوير 2.4 مليون طن فقط.

وتشهد معدلات التدوير انخفاضا منذ أن توقفت الصين تحديداً عن قبول النفايات البلاستيكية من الغرب عام 2018، وبالتالي تم التوقف عن إعادة تدوير قسم منها. وبالإضافة إلى ذلك تشهد كُلفة إنتاج البلاستيك انخفاضا في ظلّ التطور السريع لهذه الصناعة.

وقالت ليسا رامسدن من غرينبيس في الولايات المتحدة إنّ “المجموعات الصناعية والشركات الكبرى سعت إلى إظهار إعادة التدوير كحلّ”، مضيفةً أنها “باعتمادها هذه الخطوة، تهرّبت من مسؤوليتها”.

وأشارت رامسدن إلى شركات كبرى، منها كوكا كولا وبيبسي كو الأميركيتان ويونيليفر الهولندية ونستله السويسرية، ما يعني أن هذه الصناعة مصابة بالشلل في واقع الأمر.

وانضمت كوكا كولا وبيبسي إلى تحالف أنشئ في منتصف يناير 2019 للحدّ من المخلّفات البلاستيكية، ويضمّ تحت رايته حوالي ثلاثين شركة متعددة الجنسيات، لتقديم الحلول المناسبة في هذا المجال.

وأوضحت غرينبيس أنّ نوعين فقط من البلاستيك يجري قبولهما في معظم مراكز إعادة التدوير البالغ عددها نحو 375 مركزا في السوق الأميركية.

وتتمثل المادة الأولى في البولي إيثيلين تيريفثالات المُستخدم بشكل واسع في تصنيع عبوات المياه والمشروبات الغازية، أما المادة الثانية فهي البولي إيثيلين عالي الكثافة المستخدم مثلاً في عبوات الشامبو أو منتجات التنظيف.

ويُصنّف هذان النوعان بالأول والثاني بحسب نظام معياري يشمل سبعة أنواع من البلاستيك، لكن إمكان إعادة تدويرها نظريا لا يعني أنّ المنتجات يُعاد تدويرها بالفعل.

ولفت التقرير إلى أنّ معدلات التدوير المرتبطة بالبولي إيثيلين تيريفثالات والبولي إيثيلين عالي الكثافة بلغت 20.9 في المئة للأول و10.3 في المئة للثاني، وهاتان النسبتان شهدتا انخفاضاً مقارنة بالتقرير الأخير الذي أصدرته غرينبيس في عام 2020.

وبالإضافة إلى ذلك سجّلت إعادة تدوير البلاستيك المُصنّف من 3 حتى 7، والذي يشمل الأكياس البلاستيكية وألعاب الأطفال وعبوات الزبادي وغير ذلك، نسباً تقل عن 5 في المئة.

ومع أنّها تحمل ملصقا يشير إلى أنها قابلة لإعادة التدوير، لا يُعاد فعلياً تدوير المنتجات التي تستخدم المواد البلاستيكية المُصنّفة من 3 إلى 7 بما يكفي لإدراجها في هذا التصنيف الذي تضعه لجنة التجارة الفيدرالية.

وبحسب التقرير فإن الحد من اللجوء إلى إعادة تدوير البلاستيك يعود إلى خمسة أسباب، أوّلها أنّ كمية النفايات يصعب جمعها كلّها، وحتى لو تمّ ذلك سيكون “من المستحيل عملياً فرز تريليونات المنتجات”، لأنّ تدويرها كلّها معاً غير ممكن.

كما تُعتبر عمليات إعادة تدوير البلاستيك مضرة بالبيئة من خلال تعريضها العمال لمواد كيميائية وإنتاجها مواد بلاستيكية دقيقة.

أما السبب الرابع الذي يحول دون ممارسة إعادة التدوير كثيرا فيكمن في عدم إمكان استخدام المواد المعاد تدويرها كعبوات للأطعمة لأنّها قد تؤدي إلى التسمم.

من ناحية أخرى تُعد عملية إعادة التدوير مكلفة جداً، بحسب غرينبيس التي أكد تقريرها أن “البلاستيك الجديد يُنافِس مباشرة ذلك المُعاد تدويره”، لأنّ “إنتاجه أرخص بكثير وجودته أفضل”.

وتعتقد رامسدن أنه من الضروري إعطاء الأولوية للحاويات غير البلاستيكية التي يمكن إعادة استخدامها، وحضّت الشركات على دعم إبرام معاهدة دولية لمكافحة التلوث البلاستيكي أطلقت الأمم المتحدة مفاوضات في شأنها هذا العام.

وأشارت إلى أن المشكلة المتعلقة بإعادة تدوير البلاستيك خاصة بهذه المادة ولا تنطبق على الكرتون أو المعادن.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالأسواق ترتفع بآمال تباطؤ رفع الفائدة
المقالة القادمةخبير عن الوضع في سوق الطاقة بأوروبا: “هدوء يسبق العاصفة”