اتفاقية الغاز رهن رفع التعرفة؟ | لا كهرباء للفقراء

الكهرباء مقطوعة. ذلك لم يعد خبراً في ظل الانقطاعات الشاملة التي تحوّلت هي الأخرى إلى روتين يومي. الشبكة تعرضت لسبعة انقطاعات طاولت كل المناطق اللبنانية في الأسبوعين الأخيرين، بسبب عدم التمكن من تأمين الاستقرار لها في ظل إنتاج لا يتعدّى الـ 500 ميغاواط.

أما مؤسسة كهرباء لبنان، فأعلنت بوضوح أنها استنفدت جميع الإجراءات الاحترازية ولم يعد بإمكانها تأمين حد أدنى من التغذية، وبالتالي هنالك مخاطر عالية من الوصول إلى الانقطاع الشامل في نهاية أيلول الذي أصبح على بعد أسبوع فقط. والمعامل تتوقف تباعاً بسبب نقص الفيول. فبعد نفاد كامل السلفة التي كانت مخصصة لتأمين حاجة المؤسسة من الفيول، المصدر الوحيد الذي يُغذّي معامل الكهرباء بالطاقة حالياً هو النفط العراقي. وبعد إجراء المناقصة الأولى لاستبدال 84 ألف طن من هذا النفط، بـ 33 ألف طن من الغاز أويل و30 ألف طن من الفيول «غراد ب»، وصلت شحنة الديزل في منتصف أيلول وكان يُفترض أن تتبعها شحنة الفيول خلال أيام، إلا أنها لم تصل إلى اليوم. بالنتيجة، أطفئت المعامل العاملة على هذا النوع من الفيول، أي معملَي الجية والزوق الجديدين والباخرتين التركيتين بالكامل (تنتجان 35 ميغاواط من أصل 370)، وإذا لم تصل الباخرة قبل نهاية الشهر كما يتردد، فإن معملَي الزهراني ودير عمار سيتبعانها.

لكن المشكلة نهاية الشهر لا تقتصر على نقص إمدادات الفيول. الباخرتان التركيتان ينتهي عقدهما في الوقت نفسه. وتؤكد المعلومات أن وفداً تركياً كبيراً من الشركة الأمّ وصل إلى لبنان للتحضير لعملية الفصل عن الشبكة. فهل وزارة الطاقة مستعدة لهذا الفصل ولانعكاساته؟

كل المؤشرات تؤكد أن الأزمة ستكون كبيرة بعد مغادرة الباخرتين، أولاً لأن مؤسسة كهرباء لبنان ستكون مضطرة إلى تعويض النقص من خلال معامل كلفة تشغيلها عالية مثل بعلبك وصور (إن توفر الديزل)، وثانياً لأن استجرار الغاز المصري فتح النقاش أمام إمكانية تشغيل الباخرتين على الغاز، بما يسمح بزيادة كمية الكهرباء المنتجة من معامل على الغاز، وبالتالي تحقيق المزيد من الوفر.

في السياق نفسه، لا تزال مساعي إعادة استجرار الغاز المصري إلى الشمال مستمرة، حيث تعمل الدول المعنية على التحقق من جهوزية الخط لديها. وقد أكدت المعلومات أن الخط في سوريا صار جاهزاً لنقل الغاز، فيما تجزم مصادر وزارة الطاقة اللبنانية بأن الجانب السوري أبدى استعداده لإرسال فريق تقني للكشف على الخط في لبنان (30 كلم) مجاناً. كما سبق أن راسل غجر وزارة المالية للمساعدة في تحديث الاتفاقيات المالية المتعلقة باستجرار الغاز، وطلب من رئاسة الحكومة التواصل مع المعنيين لتحرير اتفاقية الغاز من قانون قيصر. إذ تبين أن الجانب الأميركي لم يُصدر بعد أي قرار رسمي يؤكد الإعفاء، الذي أبلغ شفهياً إلى الجانبين الأردني والمصري. ومن دون مستند رسمي أميركي، لا تجرؤ أيّ شركة معنية على الإقدام على أي خطوة تنفيذية في الملف.

وبعدما تردد سابقاً أن البنك الدولي سيدفع مباشرة ثمن الغاز لمصر من خلال قروض للبنان، تكفّلت مصادر متعددة بالتوضيح أن البنك سيكون بمثابة الكفيل المالي للبنان. بحسب المعلومات، فإن هذه الكفالة مرهونة بإعداد دراسة لرفع التعرفة بالدرجة الأولى. ولذلك، عمد البنك إلى التعاون مع وزارة الطاقة لإعداد دراسة تسمح بتحقيق توازن نسبي في مالية كهرباء لبنان. الخطة التي كان يشرف عليها غجر لم تُنجز بالكامل، رغم أن مصادر في الوزارة كانت قد أكدت أن المسوّدة الأخيرة أنجزت، وكان يفترض أن تناقش مع المعنيين.

بحسب الدراسة، ينبغي إصدار تعرفة جديدة، تؤدي إلى زيادة عائدات كهرباء لبنان، لكن مع الأخذ في الاعتبار أن تبقى أقل من تعرفة المولّدات الخاصة بشكل كبير. الخطة وضعت تعرفة أوّلية هي 2000 ليرة للكيلوواط، مفترضة أن رفع الدعم سيجعل سعر الكيلوواط المنتج من المولدات الخاصة 6000 ليرة، ما يعني خفض الكلفة الإجمالية على المواطنين، من جراء الحصول على 14 ساعة تغذية، بنحو 200 مليون دولار، لتكون النتيجة استرداد الـ 400 مليون دولار التي يمكن أن تتكلّفها الخزينة. وفي حال بدء تشغيل معمل دير عمار على الغاز المصري، فإن الوفر في الفيول سيزيد 130 مليون دولار سنوياً. باختصار، تجزم مصادر مطّلعة بأن البنك الدولي لا يمكن أن يضمن تأمين ديمومة تدفقات الغاز المصري إلى لبنان من دون إقرار الدراسة التي أعدّها.

مصدرجريدة الأخبار - إيلي الفرزلي
المادة السابقةالرئيس عون عرض مع فياض واقع المحروقات وانعكاساته على وضع التيار الكهربائي
المقالة القادمةلا ثقة بمصرف لبنان: هيئة مستقلّة لـ«إعادة هيكـلة المصارف»