اختلاس وابتزاز ورشاوى علنية في «ضمان زحلة»: الحماية السياسية تمنع «التأديب»

في 15 أيلول الماضي، اقترح المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد كركي إحالة كلٍّ من رئيس مركز زحلة ع. ف. (محسوب على حركة أمل) ورئيس دائرة الاشتراكات والتعويضات إ. ب. (محسوب على التيار الوطني الحرّ) إلى المجلس التأديبي، طالباً عرض الاقتراح على هيئة مكتب مجلس إدارة الضمان لدرسه واتخاذ القرار المناسب، وذلك على خلفية اتهامات بالاختلاس والسرقة وهدر أموال الضمان ومخالفات أخرى وثّقها تقرير مديرية التفتيش الإداري (رقم 2750 تاريخ 14 أيلول 2021) بعد تحقيقات بدأت قبل أكثر من عامين.

ووفقاً لنظام المُستخدمين في الصندوق، لا يمكن إحالة الموظف مباشرةً إلى التأديب إذا لم يكن من الفئة الرابعة وما دون. فيما تحتاج إحالة موظفي بقية الفئات إلى موافقة مجلس إدارة الضمان. وبحسب المعلومات، امتنع المجلس عن منح الإذن بالإحالة «بسبب ضغوط سياسية كبيرة»، وفق مصادر في مركز زحلة، ولا يزال الموظفان المتهمان يمارسان عملهما بصورة «طبيعية» وبـ «أريحية» تامة رغم «عشرات الشكاوى المُقدّمة ضدهما، ورغم أن التحقيقات أثبتت تورّطهما وجنيهما ثروات طائلة».

وإضافة إلى سوء الإدارة وانعدام التنظيم في المكتب والتمييز في التعاطي مع المستخدمين وعدم الالتزام بالدوام الرسمي، أشارت المفتش الإداري الأول بولين الزوفي في تقريرها تحت بند «التعاطي غير الأخلاقي لرئيس مكتب زحلة»، الى الطريقة التي يتعاطى بها مع مستخدمي المكتب ومع المضمونين «إذ يتلفّظ بكلام بذيء وعبارات نابية، ويهين المُستخدمين ويرمي المعاملات في وجههم ويوجه لهم الملاحظات أمام جمهور المضمونين وبصوت مرتفع، ما يدفع بعض المستخدمين، مرغمين لا مقتنعين، إلى تنفيذ ما يطلبه منهم تفادياً لمواجهته وتعريض أنفسهم للمهانة».

أما الخلاصة الأبرز من هذه الشكاوى فتتعلق بتأثير هذه الممارسات على سير العمل في المركز لجهة حرمان الكثير من المضمونين من حقهم في الحصول على الخدمات بطريقة لائقة بسبب الاستنسابية. إذ يرد في التقرير بشكل صريح أن ثمّة «تمييزاً بين المؤسسات لجهة معالجة جداول الاشتراكات والتعويضات العائلية»، فضلاً عن قبض رشى واختلاس أموال الصندوق من قبل بعض المضمونين «بالتواطؤ مع رئيس المكتب». ويخلص التقرير إلى أن الكثير من المضمونين حضروا في الفترة الأخيرة في الموعد المحدد لهم وفق الإيصال لقبض معاملاتهم «ولم يتمكّنوا من ذلك بسبب عدم إنجازها في حين أن معاملات عديدة تُدفع قبل موعدها وتصل نسبتها إلى 30 – 35% وهذا دليل واضح على التمييز بين المضمونين وسوء إدارة المكتب وعرقلة لحسن سير العمل».

في اتصال مع «الأخبار»، أوضح عضو هيئة مكتب مجلس إدارة الضمان فضل الله شريف أن هيئة المكتب هي المعنية ببتّ طلبات الإحالة وليس مجلس إدارة الضمان (الهيئة تتضمن أعضاء من مجلس الإدارة يجتمعون دورياً)، معتبراً أن الحديث عن امتناع الهيئة عن إحالة الموظفين «معلومات مغلوطة هدفها التضليل». المفارقة أن تحقيقات مديرية التفتيش نفسها تضمنت اتهامات للموظف في المركز ب. م. بالتورط في قضايا تزوير ومخالفات بـ«رعاية» رئيس المكتب، وقد أُحيل الموظف وحده على المجلس التأديبي وأُوقف عن العمل، من دون أن تتضح المعايير التي استندت إليها هيئة المكتب لـ«تقتنع» بتورط موظف صغير في مقابل «عدم الاقتناع» بالتحقيقات مع «الرئيسين»؟ يُجيب شريف بأن التحقيقات تتضمن اعترافات الموظف بارتكاب المخالفات. إلا أن ما يُعزز «فرضية» حماية «الرئيسين» هو إقرار شريف نفسه بأن «أمل» و«العونيين وكل زحلة» لا يريدون إحالة الرئيسَين إلى التأديب!

مصدرجريدة الأخبار - هديل فرفور
المادة السابقةقرار أميركي بالإسراع بتأمين مصادر الطاقة إلى لبنان
المقالة القادمةمافيا الحطب على خطى مافيا المحروقات: حرب إبادة على الأحراج