“حال المطار تزداد سوءا يوماً بعد يوم على الصعد كافة”، هذا ما أكده النائب وضاح الصادق، وتقدّم على إثره منذ شهرين بإخبار موقّع من 19 نائباً في المجلس النيابي امام النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات في موضوع تعريض ادارة الطيران المدني والسلامة العامة لمخاطر جسيمة وشبهات فساد في مطار رفيق الحريري الدولي.
ففي عام 2014 صدر بيانان صحافيان متتاليان عن بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان، طالبت فيهما من لبنان اتخاذ تدابير عاجلة تضمن سلامة الطيران المدني مع مخاوف على السلامة العامة وفق ما أثارته المنظمة الدولية للطيران المدني عام 2012 وشددت على ضرورة إنشاء هيئة عامة للطيران المدني وتطبيق القانون 481/2002 شرط ان يرأس الهيئة أحد أصحاب الخبرة والكفاءة.
خلال الأشهر الماضية أجرت لجنة اوروبية تابعة لوكالة سلامة الطيران في الاتحاد الاوروبي كشفاً على مطار رفيق الحريري الدولي للوقوف على حالته الراهنة ولمساعدة لبنان على تجاوز الكشف الدوري المفترض حصوله العام المقبل. وأصدرت تقريراً بالتنسيق مع منظمة الطيران المدني الدولية يعيد التأكيد على ما قيل منذ ما يقارب الـ10 سنوات، وأبرز ما جاء فيه: وجود مسائل نظامية تعيق تنفيذ التحسينات الأساسية، عدم وجود فصل بين مقدمي الخدمات ومديرية الطيران المدني والمطار وخدمات الملاحة الجوية، نقص في الموارد البشرية في قسم سلامة الطيران.
فأين أصبح الملف وهل ستتم معالجته قبل وقوع الكارثة؟
يؤكد الصادق لـ”المركزية” ان “مصير الاخبار كغيره من الاخبارات. فالقضاء ينحو باتجاه التسييس بشكل كبير، بما أنه يلاحق وزراء سابقين، ويصيب التعيينات السياسية. وإذا دخل القضاء في القضية بشكل سريع جداً، فإنه سيقيل ثلاثة أو أربعة مدراء من مناصبهم، لأن تعيينهم غير قانوني”، مشيراً إلى أن “تهديد السلامة العامة يعتبر جنحة او جناية لأنه يدخل في إطار الإهمال الإدراي، هذا قبل الحديث عن الفساد”.
ويضيف: “بعد أن تسلّم المدعي العام التمييزي الإخبار، راجعه ومن ثم أعطانا نسخة عنه، تتضمن خطوطاً تحت اسم وزير سابق، وكأنه ينبهنا أن اسمه مذكور. لن ندخل في الأسماء لأن الملف أمام القضاء اليوم. ثم تم تحويله لدى قاضي التحقيق غسان خوري”.
هل هذا يعني أنه وضع في الأدراج كغيره من الملفات؟ “على ما يبدو. مضى شهران على الإخبار، وهو موقّع من 19 نائباً. ووصلت وقاحة بعض القضاء في لبنان إلى تجاهل 19 نائباً يمثلون كتلاً تضم ٤٠ نائبا ،أي ثلث المجلس النيابي. لكن، وبكل بساطة وضعه مدعي عام التمييز في الدرج. في القانون لا يحق له ذلك، بل عليه الردّ إما بقبوله أو رفضه”.
في قضية السلامة، ألا يمكن أن نصل لا سمح الله إلى ما يشبه تفجير مرفأ بيروت، ألا يستدعي ذلك تحركا من المعنيين؟ “هذا ما قلناه لهم. وهذا ما يؤكد لي أن القضاء يتحمّل جزءا كبيراً من المسؤولية في قضية مرفأ بيروت، ولهذا السبب حورٍبت العدالة فيه بهذه الطريقة. في الوقت الذي أتحدث فيه، وبالإخبار الذي تقدمنا به، هناك تهديد للسلامة العامة. إذا حصل اليوم لا سمح الله – ونتمنى ألا يحصل – اي حادث في مطار بيروت، ما ستكون ردة فعلهم، هل سيحاسبون أنفسهم؟ بالطبع لا، بل سيعمدون إلى ضبضبة الملف كما حصل في تفجير المرفأ. نتحدث اليوم عن أشخاص لا يملكون الخبرة والكفاءة لإدارة المطار الذي تحط فيه وتغادر منه في الوقت نفسه عشرات الطائرات. غريب هذا الاستهتار”. ويستطرد: “بعدما حضرنا الملف وأجريت المؤتمر الصحافي، تحرّك وزير الأشغال العامة علي حمية، لكن متأخراً، وقدّم خطة للحكومة. لكن ما الذي حلّ بهذه الخطة؟ المطلوب أن يخرج إلى الرأي العام لإطلاعه عليها”.
ويتابع الصادق: “فلنبدأ بالأمور الصغيرة، من شكل المطار بمجرد أن تطأ أقدامنا أرضه، من علب الكرتون والنفايات المرمية هنا وهناك الى البلاستيك والمكاتب المهملة والأوراق الممزقة الملصقة على الجدران. فإذا لم يكن بإمكان المسؤولين عن المطار إحضار أربعة عمال لرفع هذه النفايات، وهذه من أسخف الأمور، كيف سيعالج مراقبة جوية وغياب السلامة العامة وعدم وجود إطفائيات مختصة بالمطار؟ لا يمكنه ذلك، لأنه لا يعرف كيف. المسؤولون في إدارة المطار وصلوا إلى مراكزهم بسبب ولائهم السياسي وليس لكفاءتهم. حتى أنهم لا يوظفون من لديه كفاءة، لأن من لديه كفاءة لا يكون ولاؤه أعمى، بل يناقش. لكنهم يوظفون أشخاصا يطلبون منهم تنفيذ مهمات، فيلبون النداء من دون نقاش. كلنا نعلم ان المطار ممسوك أمنياً”.
ويختم الصادق: “بعد أشهر قليلة من المفترض وصول لجنة تدقيق دولية إلى المطار، وفي حال لم يصر إلى إنجاز إجراءات السلامة العامة والكفاءة المطلوبة في الجهاز الإداري قبل ذلك، سنكون أمام مشكلة كبيرة في المطار”.