تكشف إحصاءات دقيقة أنه من أصل 61 مستشفى خاصة هناك 47 مستشفى توقفت عن استقبال مرضى الخدمات الصحية خارج المستشفى. 10 مستشفيات لم تعد تستقبل المؤمنين لإجراء فحوصات محددة. و3 مستشفيات تمتنع عن استقبال كل المرضى. ومستشفى واحد توقف عن استقبال كل المرضى، باستثناء حالات العلاج الكيميائي. أسباب توقف المستشفيات عن تقديم بعض أو كل الخدمات متعددة؛ إلا أن معظمها يعود بنسبة 50.8 في المئة إلى النقص في المعدات، و6.5 في المئة لعدم توفر المعدات والإمدادات الطبية، و6.5 في المئة أصبحت خارج الخدمة بسبب مراجعة التعرفة الإستشفائية، و1.6 في المئة توقفت جزئياً بسبب عدم جهوزية المختبر، و1.6 في المئة بسبب زيادة التعرفة. فيما هناك 16.3 في المئة منها تطلب الدفع نقداً، و16.3 في المئة جمدت التعامل مع طرف التأمين الثالث.
هذا الواقع بدأ ينذر بكارثة صحية، تمثّلت مؤخراً بوفاة طبيب في أحد المستشفيات ذات الخدمات المحدودة بعدما رفضت مستشفيات كبيرة إدخاله على حساب ضمان النقابة. الحالات الخاصة ستصبح عامة، قريباً. وسيتحول شعار المرحلة الصحية القادمة إلى “التطبب بـ”التي هي أحسن”، برأي رئيس الهيئة الوطنية الصحية في لبنان د. اسماعيل سكرية، فـ”مع الوصول إلى أسفل درك الإنهيار ستضطر النسبة الأكبر من المواطنين ومحدودي الدخل، سواء كانوا مضمونين أو غير مضمونين، للجوء إلى المستشفيات الحكومية ذات القدرات الطبية المحدودة للحصول على ما يتيسر من خدمات طبية”.
أمّا في حال رفع موازنة وزارة الصحة لمواكبة الأزمة ودعم المستشفيات الحكومية لتوفير الخدمات المطلوبة فان الأزمة ستتعمق أكثر. فموازنة الوزارة المقدرة حالياً بحوالى 640 مليار ليرة يجب رفعها بما لا يقل عن 4 أضعاف.هذه الزيادة التي ستتأمن حكماً من خلال طباعة المزيد من الليرة، بسبب العجز الهائل في الموازنة وتراجع عائدات الدولة، ستكون نتيجتها كارثية على سعر الصرف.
المأزق الصحي الذي وقع فيه البلد أصبح “كبيراً لدرجة من الصعب عليه حمله منفرداً”، يقول رئيس لجنة الصحة النيابية د. عاصم عراجي، و”المجتمع الدولي الذي كنا أول من تواصل معه منذ أشهر، كان واضحاً لجهة عدم تقديم أي مساعدات، طالما أنه ليس هناك حكومة موافق عليها من قبله. وباستثناء المساعدات التي قدمت من البنك الدولي بقيمة 40 مليون دولار لمواجهة جائحة كورونا وتسديد ثمن اللقاحات، فانه لن يصل لبنان دولار واحد إضافي إذا لم تتحقق الإصلاحات السياسية والإقتصادية”. هذا الرد الواضح من المجتمع الدولي يقابله ضيق الحلول الداخلية وعدم وجود أرضية عمل مشتركة بين الجهات الإستشفائية والتشريعية والتنفيذية.
من هنا فان “المطلوب تشكيل لجنة تضم جميع المعنيين في القطاع الطبي والإستشفائي ابتداء بوزارة الصحة والإقتصاد والشؤون الإجتماعية والمالية، مروراً بالمستشفيات والمختبرات والمراكز الصحية ونقابات المهن الطبية، ووصولاً إلى الجهات الضامنة الخاصة والعامة. على أن تنحصر مهمة هذه اللجنة بكشف الأرقام والمعطيات في جميع القطاعات وفرض تسوية بأقل أضرار ممكنة على الجميع، ووضعها موضع التنفيذ، لتجنب الكارثة الإنسانية المقبلة”. يقول عراجي.