الإصلاحات الاقتصادية السعودية تواجه مفارقة مزدوجة

تواجه أحدث خطة اقتصادية للإصلاحات السعودية التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد والخروج من كبوة النفط، مجموعة من المخاطر الكبيرة، فرغم أنها ستساعد في تعزيز الاستثمار، إلا أنها في الوقت نفسه قد تضر بالموارد المالية الحكومية.

ويريد ولي العهد السعودي، أن تقوم أكبر الشركات في المملكة، ومنها شركة النفط العملاقة أرامكو السعودية وشركة سابك لصناعة الكيمياويات، بتخفيض توزيعات الأرباح التي يُدفع معظمها إلى الدولة، على أن تقوم هذه الشركات بإنفاق هذه الأموال في السوق المحلية. وتعني هذه الفكرة أن إنفاق الشركات على البنية التحتية الجديدة والتكنولوجيا سيكون كبيرا بما يكفي لتسريع نمو البلاد ولإحداث طفرة في الوظائف.

حوّلت أرامكو أكبر شركة نفط في العالم، مبلغا قدره 110 مليارات دولار إلى الحكومة السعودية من خلال مدفوعات المساهمين وحقوق الامتياز وضريبة الدخل خلال العام 2020، وهو ما يمثّل انخفاضا بنسبة 30 في المئة عن العام السابق 2019.

وفي هذا الصدد، يرى جيمس سوانستون من “كابيتال إيكونوميكس”، أن التوزيعات المنخفضة للشركة المملوكة للدولة بنسبة 98 في المئة، ستؤثر على إيرادات الحكومة، كما أن سوانستون غير مقتنع بأن الاستثمار الإضافي في الاقتصاد سيؤدي إلى زيادة كبيرة في الضرائب الحكومية من الصناعات الأخرى في المدى القصير على الأقل.

ورغم تمكّن المملكة العربية السعودية من رفع الإيرادات غير النفطية من 166 مليار ريال في 2015 إلى 358 مليار ريال في 2020، إلا أن هناك مشكلة تتمثل في أن جزءا كبيرا من التحسن يعود إلى التسويات التي تمت مع عدد من رجال الأعمال وأثرياء المملكة خلال عام 2017، والتي عُرفت باسم “اعتقالات ريتز كارلتون”، والتي كانت جزءا من حملة ولي العهد لمكافحة الفساد.

ويقول مراقبون إن قرار اشتراط نقل الشركات لمقارها الإقليمية إلى الرياض في إطار الإصلاحات يجعل الشركات الأجنبية تحت الضغوط والوصاية مما يربك خطط الاستثمار لديها، حيث يشكل القرار قيدا للحرية في وقت تتزايد فيه المخاوف أصلا من الإصلاحات المرتقبة. ويرى خبراء أن القرار الأخير بنقل المقر الإقليمي للشركة إلى السعودية للتمتع بالعقود الحكومية يمكن أن ينفّر المستثمرين، ما يتعارض مع هدف السعودية التي تريد جلب الاستثمارات الأجنبية.

ومنذ عام 2016 ينفّذ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عددا من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية فيما أرجأ البعض منها إلى وقت آخر، وقد أثارت هذه الخطط في مناسبات كثيرة مخاوف المستثمرين. وفرضت السلطات قواعد جديدة للعمل تقصر وظائف محددة على المواطنين، حيث زادت حصصا مالية للشركات لتوظيف السعوديين وقامت بخفض دعم الكهرباء والماء في إطار إصلاحات مالية. وأعلنت الحكومة عن تأسيس البرنامج الوطني لدعم إدارة المشاريع في الجهات العامّة لخفض تكاليف مشروعات البنية التحتية الحكومية.

 

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةصفقة اندماج تعزز هيمنة الصين على صناعة الصلب العالمية
المقالة القادمةالذهب يرتفع قرب قمة 7 أسابيع عند 1780 دولاراً للأوقية