الإطباق على الأزمة بـ”كماشة” صندوق النقد و”ماكينزي”

بعد إهمالٍ متعمد لتوصياتها، فرضه الرفاه المصطنع قبل انفجار الأزمة في خريف 2019، عادت خطة “ماكينزي” التي وضعت في العام 2018 إلى دائرة الضوء من جديد. حيث لحظت خطة الحكومة الحالية “الإستفادة من توصياتها، خاصةً لجهة دعم القطاعات الإنتاجية كافة تمهيداً للتحوّل من الإقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المُنتج، تحقيقاً للعدالة الإجتماعية”. والخطة باختصار توصي بالعمل خلال خمس سنوات (2020 – 2025) على تطوير قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة واقتصاد المعرفة والخدمات المالية. وذلك بهدف زيادة حصة هذه القطاعات من الناتج المحلي إلى أكثر من 35 في المئة، وتوليد ما لا يقل عن 350 ألف فرصة عمل سنوياً وخفض نسبة الدين العام من الناتج المحلي.

خلال “محنة” العامين المنصرمين أدرك اللبنانيون على مختلف المستويات أن أحد عناصر الخروج من الأزمة هو تعزيز الانتاج. إلا أن هذا الإدراك يبقى مجرد نظريات إن لم يترافق مع خطة واضحة، وتنظيم دقيق، وتأمين التمويل وإعطاء الحوافز. وهنا “يأتي دور خطة ماكينزي”، يقول “عرابها” وزير الإقتصاد السابق رائد خوري. فالخطة من وجهة نظره لها اهمية مضاعفة في يومنا هذا لثلاثة أسباب رئيسية:

الأول، تحولها من مجرد عنصر مساعد لنمو الإقتصاد يمكن تأجيله، إلى طريق شبه وحيد للانقاذ.

الثاني، ارتفاع فرص وامكانيات تطبيقها. نظراً لتراجع كلفة الانتاج واليد العاملة وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات اللبنانية في الأسواق الداخلية والخارجية.

الثالث، تحولها إلى الباب الأساسي لدخول العملة الصعبة من عمليات الإستثمار بالانتاج والتصدير، بعد تراجع التدفقات النقدية المباشرة إلى القطاع المصرفي.

وعليه لم يعد هناك من خيار “إلا خطة ماكنزي”، بحسب خوري، “خصوصاً أنها تفصيلية وليست نظرية. وهي لا تكتفي بالاطار العام، بل تحدد القطاعات الإنتاجية التي تملك قيمة مضافة مرتفعة، وكيفية تطويرها، والسبل والطرق الآيلة لذلك، والعوائد المرجوه منها على القطاع بحد ذاته والاقتصاد بشكل عام”.

بالاضافة إلى تطبيق خطة “ماكينزي”، يتطلب الخروج من الأزمة العمل بالتوازي مع “صندوق النقد الدولي”. فالاخير هو بمثابة “الدمغة التي تصادق على أن لبنان يسير في الطريق الصحيح”، برأي خوري. و”بالاضافة إلى المساعدات المباشرة التي سيحصل عليها لبنان، يشجع الدخول في برنامج مع الصندوق بقية الدول على تقديم المساعدات والقروض والعودة إلى الاستثمار في القطاعات التي رسمت ماكينزي خطة تطويرها. وهذان المنفذان أي خطة ماكينزي وصندوق النقد، يتحدان في مخرج واحد كبير يؤمن العبور من عنق “زجاجة” الأزمة وبدء مرحلة التعافي.

يتابع خوري بأننا “محكومون باعادة النهوض بالقطاع المصرفي لأنه بمثابة “الزيت” في “محرك” الاقتصاد. وهذا يتم من خلال خلق القوانين والتعاميم التي تعيد رسملة القطاع ونشاطه وإدخاله في عالم التكنولوجيا والمكننة وE-Banking. من الجهة الأخرى، فان الدخول في برنامج مع صندوق النقد الدولي واعادة هيكلة القطاع العام وتأمين الاصلاحات، وتحديداً في الكهرباء، كلها عوامل تساعد على تحفيز الاستثمار في القطاعات الانتاجية. فلبنان يملك مقومات نجاح كبيرة. ويستطيع النهوض سريعاً انطلاقاً من طبيعة اللبناني الذي “ينسى ويسامح”، إلا أنه لا يمكن الاستمرار بجلده. فالقطاع الخاص هذه المرة لن يأخذ المبادرة إلا عندما تبرهن السلطة أنها سلكت طريق الاصلاحات بجدية.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةتصدير التفاح اللبناني إلى مصر مستمر
المقالة القادمةبوشكيان: الأولوية لتطبيق إلزامية المواصفات