الإنحدار العمودي نحو الأمبير الواحد…

تعرفة المولدات قضية متشعبة تضع الناس في مواجهة مباشرة مع أصحاب المولدات بدل أن تكون مواجهتهم مع أصل المشكلة وسببها وهوغياب التيار الكهربائي بشكل شبه كلي عن البيوت. وقصص المواجهة بين الطرفين لا تنتهي، وأخبار “سلبطة” أصحاب المولدات على الأحياء “كقصص الحيّات” ترويها ربات البيوت بحماسة مجبولة بـ”السم”.

عبدو سعادة رئيس تجمع أصحاب المولدات يحاول شرح الواقع كما هو بدون التلطي في خيال اصبعه. فالطابة ليست في مرمى أصحاب المولدات بل عند وزارة الطاقة التي تضع التسعيرة. ويؤكد ان معظم اصحاب المولدات يلتزمون بالتسعيرة ولو على حساب أرباحهم وأن 75 % من الاشتراكات تخضع اليوم لنظام العدادات فيما الـ 25% الباقية هي التي رفض مشتركوها او أصحاب المولدات تركيب عدادات لها لأسباب مختلفة. التسعيرة التي تصدرها وزارة الطاقة يؤكد سعادة مجحفة بحق أصحاب المولدات والمشتركين على حد سواء فهي حالياً 6500 ليرة لكل كيلوواط على السواحل و 7152 ليرة في المناطق العالية والقرى. من هنا باتت كلفة الاشتراك على المواطن مرتفعة جداً أما على صاحب المولد فهي لا تراعي سعر صرف الدولار وارتفاعه المستمر ولا سعر المازوت الذي تحتسبه وزارة الطاقة بسعر وسطي هو 314000 للصفيحة فيما هو في السوق أعلى من ذلك بكثير. وعدم مراعاة هذين الأمرين يجعل أصحاب المولدات بالكاد قادرين على شراء المازوت لتشغيل مولداتهم وتحصيل كلفة التشغيل ومصاريف الصيانة من دون احتساب اية أرباح. ويصر سعادة أنه إذا لبت وزارة الطاقة مطالبهم بدعم المازوت وتثبيت سعر صرف الدولار فإن كلفة المولد قد تتناقص الى النصف وكذلك إذا ازدادت ساعات التغذية بالتيار الكهربائي يمكن ان تنخفض الفاتورة أيضاً وبذلك نوفر على المواطنين حملاً ثقيلاً..

لكن سعادة يبرر الفوضى الحاصلة بقوله ان البعض ممن لم يركبوا العدادات لمشتركيهم يحسبون الكلفة حسب ساعات التغذية التي يؤمنونها فهم يتولون حساباتهم بأنفسهم حتى لا يخسروا. صحيح ان الالتزام بالتسعيرة ليس 100% لكن لا يمكن تحميل أصحاب المولدات سبب ارتفاع كلفة الاشتراك. هذا ظلم بحقهم لأن من يخسر لن يلتزم حكماً بتسعيرة الدولة فإما أن يعطي الكهرباء وفق حساباته او من الأفضل له ان يطفئ مولده.

في الجبال المعاناة مع التيار الكهربائي والمولدات تتخذ بعداً آخر، هنا البيوت متباعدة والمسافات الضرورية للإمدادات أطول ما يجعل سعر الكيلوواط أعلى ويرفع تكلفة الاشتراك. لكن وجود الاشتراك ضرورة في كل بيت جبلي وفق ما يخبرنا وسيم مهنا مختار بلدة كفرذبيان. هنا لا يعتمد السكان على الكهرباء للتدفئة لكن وجود الكهرباء ضروري لأسباب كثيرة تختلف عما هي عليه في المدن. فأهل القرية يحتاجون وجود تيار كهربائي متواصل للحفاظ على الثلاجات او اجهزة التبريد والفريزر التي يحفظون فيها مؤونة الشتاء التي تجنبهم الخروج أثناء العواصف. وهم بحاجة للإنارة حتى في وضح النهار مع وجود الضباب والغيم في أيام الشتاء، والطاقة الشمسية التي يعول عليها في المدن كبديل عن الكهرباء ليست فعالة في أيام الشتاء في القرى الجبلية لندرة وجود الشمس، هذا إضافة الى ضرورة وجود الانترنت لتأمين التعلم والعمل عن بعد في زمن الكورونا والعواصف الثلجية، من هنا يؤكد المختار ان حاجة كل بيت للمولد تجعل تكلفة الاشتراك لا تقل عن ثلاثة ملايين ليرة شهرياً للبيت العادي وترتفع مع ارتفاع الحاجة الى الكهرباء هذا في ظل تقنين حاد جداً للكهرباء بحيث تصل ساعة نهاراً وأخرى ليلاً.

وضع أصحاب المولدات هنا لايحسدون عليه ولا يختلف كثيراً عن وضع الناس المتعبين فصاحب المولد في الضيعة لا يمكنه ان يقطع الاشتراك عمن يتخلف عن الدفع او يؤجل لشهر أو شهرين فروح التضامن القروية تمنع ذلك لذا هم يواجهون صعوبة في الجباية يضاف اليها صعوبة توافر مادة المازوت وارتفاع الحاجة الى الصيانة لأن المولدات تُستهلك بشكل أكبر مع اضطرارها للعمل لأكثر من عشرين ساعة في ظل التقنين الحاد وغير المقبول في التيار الكهربائي وعدم قدرة المولدات على اعتماد التقنين بعد الظهر لا سيما شتاء حين يحل الظلام باكراً في الجبال.

مصدرنداء الوطن - زيزي إسطفان
المادة السابقةالتدقيق الجنائي: تضييع الوقت لتطيير المهل!
المقالة القادمةانخفاض نفقات الموازنة: اقرأ تفرح.. دقّق تحزن!