التدقيق الجنائي: تضييع الوقت لتطيير المهل!

يمثل كتاب مصرف لبنان إلى وزارة المالية المتعلق بالتدقيق الجنائي في حساباته المالية وأنشطته لائحة دفاعية إستباقية لتطور جديد في الملف ممكن أن يحصل قريباً. فهذه هي “المرة الأولى التي يفصّل فيها “المركزي” بهذه الدقة علاقته مع شركة Alvarez & Marsal بالقرائن والارقام والتواريخ، منذ 13 تشرين الاول 2020 وصولاً إلى اليوم”، برأي المحامي البروفسور في كليات الحقوق د.نصري دياب. وكأنه يقوم بجردة حساب شاملة يبرئ بها نفسه من تهمة التعطيل، ويفتح الباب واسعاً أمام حملة جديدة من تقاذف المسؤوليات بين كل المعنيين. وذلك قبل انتهاء مفعول قانون “تعليق العمل بأحكام سرية المصارف” رقم 200/2020 بعد نحو ثلاثة أسابيع من اليوم.

فالمركزي دخل بعد تاريخ 17 أيلول الفائت، تاريخ تعديل العقد مع شركة Alvarez مع الحكومة الجديدة في سباق مع الوقت لتقطيع نهاية العام الحالي قبل البدء بالتدقيق. ففي 31/12/2021 ينتهي مفعول القانون رقم 200/2020 الذي أقر في 29 كانون الأول 2020 لمدة عام، ونعود إلى نقطة الصفر. حيث يصبح “من الصعب جداً بعد هذا التاريخ متابعة شركة Alvarez & Marsal التدقيق الجنائي في مصرف لبنان. خصوصاً لجهة الحصول على معلومات إضافية. وذلك إلى حين الاتفاق على إصدار قانون آخر يمدد العمل بتعليق السرية المصرفية لفترة إضافية”، يقول البروفسور دياب.

وقد عمد “المركزي” في الكتاب إلى الايحاء بتلبية طلبات الشركة علناً وبكل “طيبة خاطر”، فيما يظهر بشكل واضح تلكؤه عن تسليم مستندات ومعلومات ضرورية لعملية التدقيق. منها، ما ذكره في كتابه الموجه إلى وزارة المالية، والمتعلق بتفاصيل حركة حسابات موظفيه عن السنوات الأخيرة، متحججاً بتخوفه من عدم حماية الشركة للمعلومات التي تستحصل عليها. والدليل برأيه تسريب قائمة المعلومات المستحصل عليها سابقاً من مصرف لبنان في الصحافة العالمية. وأيضاً عدم وجود نص قانوني أو نظامي أو تعاقدي يوجب تزويد شركة التدقيق بمحاضر اجتماعات المجلس المركزي. وهو مع هذا سلم جزءاً من المحاضر فقط بحسب الكتاب ولم يسلم الباقي لان حجم المحاضر المطلوبة بهذه القرارات ضخم جداً ويحتوي على بيانات ذات طابع شخصي، مبدياً استعداده لتسليمها في ما بعد من دون أن يحدد الوقت لذلك.

في المقابل برز طلب غريب للشركة يتناقض مع العقد الموقع مع الدولة اللبنانية ويساهم أيضاً في تأخير الشروع بالتدقيق، وهو الاستحصال على البيانات العائدة للعام 2015. مع العلم أن “نطاق التدقيق كما هو منصوص عليه في العقد الموقع بـ 17/9/2021 يشمل حسابات السنوات الخمس الأخيرة أي منذ العام 2016″، برأي دياب “ولا يمكن للفريقين تخطي العقد المبرم”.

مطالبة ألفاريز ببيانات العام 2015 للبدء بالتدقيق يعني بالمنطق أنها مهمة، فلماذا لم يتم إدراجها في العقد المعدل في أيلول الماضي؟ وهل ممكن أن يكون السبب تفخيخ العقد بعدم إضافتها لخلق حجة تتيح عدم استكمال التدقيق أو التأخير لتعديل العقد مرة جديدة. فبيانات العام 2015 كانت مدرجة في العقد السابق. ذلك أنه اذا احتسبنا ان العقد الأول موقع في العام 2020 يصبح العام 2015 داخلاً حكماً في التدقيق. أما عدم إدراجه في العقد الجديد فهو يتطلب التعديل مرة جديدة، كما قال “المركزي”، مع كل ما يتطلبه ذلك من وقت إضافي لتسليم البيانات… وعندها يكون قد انتهى مفعول السرية المصرفية وانتهى معه الأمل بالتدقيق الجنائي.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةمؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك: إستمرار التدهور مع رفع الدعم
المقالة القادمةالإنحدار العمودي نحو الأمبير الواحد…