الاجراءات البوليسية تفشل في مواجهة الدولار

لم تفلح المعالجات البوليسية لانهيار سعر صرف العملات المحلية مقابل الدولار الاميركي في أي دولة تعاني أزمة مالية نقدية واقتصادية، إلا ان الدولة اللبنانية ما زالت مصرّة على ذلك، رغم انها قامت بهذه التجربة قبل عام على التحديد عندما بلغ الدولار في السوق السوداء 2500 ليرة، ما حتّم على الحكومة توقيف الصرافين وإقفال محالهم. والنتيجة كانت ان الليرة انهارت أكثر ووصلت اليوم الى حدود 11 الف ليرة مقابل الدولار.

كنتيجة اولية لسياسة القمع التي قررت الدولة اتّباعها، قرر الصرافون الشرعيون الخروج من السوق، حيث قرر عدد كبير منهم اقفال مؤسساته امس، بسبب الاسلوب البوليسي الذي يتم التعامل به معهم، والضغط الذي تمارسه القوى الامنية على «كلّ شخص يدخل ويخرج من محلات الصيرفة، واستجوابهم حول سعر الصرف الذي باعوا او اشتروا على أساسه الدولار»، وفقاً لأحد الصرافين الذي قال انه يفضّل التوقف عن العمل واقفال المؤسسة «لأنه يتمّ التعامل معنا وكأننا مجرمون او نقوم بعمل غير شرعي».

وبالتالي، فإنّ السوق السوداء سيتحكم بها حالياً بشكل اكبر واسهل، الصرافون غير الشرعيين وكلّ من «يسعى للتلاعب بسعر صرف الدولار ودفع البلاد نحو الانفجار»، على حدّ تعبير رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المستقيل حسان دياب خلال اجتماع بعبدا. وبعد حجب المنصات الالكترونية التي كانت شبه مرجع للتجار والصرافين، سيكون تحديد سعر الصرف اليومي من مهام هؤلاء أنفسهم الذين تتهمهم السلطة بالمؤامرة وبتسريع انهيار الليرة.

في هذا الاطار، اعتبر الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود انه من المؤسف ان تلجأ الدولة الى هذه الاساليب من المعالجة للأزمة»، وحول غياب اي مرجعية لتحديد سعر صرف الدولار بعد اقفال المنصات، قال حمود: هناك دكاكين صيرفة في كلّ مكان، ولا حاجة لمنصات تكون مرجعاً لسعر الصرف او تحدد سعر الصرف بل انّ الاستيراد وحاجة التجار للدولار حاجة المواطنين للتخزين، هي التي تحدد سعر الصرف في السوق السوداء، مشيراً في هذا السياق الى انه لا يمكن حجب كافة المواقع المعنية بتحديد سعر الصرف لأنّ الامر يتطلب اللجوء الى القضاء الاميركي.

مصدرجريدة الجمهورية - رنى سعرتي
المادة السابقةمصر: صفقة تسوية تشمل 40 اتفاقية نفطية تضمن العمل بمحطة دمياط للغاز
المقالة القادمة«التضخم الخافت» يدعم الأسواق العالمية