“الاحتياطي الإلزامي” يتناقص… والعبرة في المتوفّر منه نقداً

مع تعمّد تغييب الاصلاحات واستمرار “التناتش” على مقاعد الحكومة، من المفترض بها أن تكون جازمة في فرض الإصلاحات، تختفي الخطوط الحمراء المرسومة لعدم المس بالاحتياطي الالزامي. عندها، سيضطر المركزي، طوعاً أو إكراهاً، الى مواصلة الدعم. وهنا تختفي الفوارق بين دعم السلع، والدعم المباشر، الذي يقلل من وتيرة استنزاف الاحتياطي ولا يلغيها. ولكن السؤال الجوهري كم بقي فعلياً من أموال نقدية ممكن التصرف بها؟ وهل تدنى الاحتياطي النقدي المتوفر إلى أقل بكثير من 17 مليار دولار؟

على عكس ما يعتقده الكثيرون، فان قيمة الاحتياطي المحددة بـ15 في المئة من ودائع المصارف بالدولار ليست ثابتة. فهي ترتفع مع ازدياد الودائع وتنخفض بانخفاضها. وبحسبة سريعة، يتبين: أن مجمل الودائع في القطاع المصرفي نهاية العام 2020 بلغت 138 مليار دولار. وإذا اعتبرنا ان نسبة الدولرة هي 70 في المئة، فان مجمل الودائع بالدولار تصبح 96.6 ملياراً، يترتب عليها احتياطي بقيمة 14.4 مليار دولار. ومع هذا الرقم يسقط أول خط دفاع يرتكز على احتياطي يقدر بين 17 أو 17.5 مليار دولار.

خط الدفاع الثاني الذي سقط مع “مرور الزمن” يقوم على ان “نسبة الاحتياطي يمكن تخفيضها بقرار من مصرف لبنان بعملية تسمى “Retro section”، يقول المستشار المالي د.غسان شماس. “حيث يعمد “المركزي”، بناء على أهداف معينة، إلى إرجاع نسبة من الاحتياطي للمصارف قد تكون 2، 4 أو حتى 10 في المئة، بشرط إظهار الأخيرة إقراضها المبالغ أو الاكتتاب بها، بما يتوافق مع سياسة مصرف لبنان وتعاميمه التنموية والتحفيزية”.

تعديل هذه النسبة المنوطة بمصرف لبنان تخفيضاً أو زيادة، تعتبر أداة من أدوات المركزي لتحفيز الاقتصاد. خصوصاً إنه لا يملك أموالاً خاصة ليوزع قروضاً مدعومة على الإسكان والبيئة والإبتكار. كما ان 80 في المئة من أرباح المركزي تذهب مباشرة إلى وزارة المالية. وعليه فان الحِزم التحفيزية التي اعطاها مصرف لبنان للاقتصاد على مدار السنوات الماضية عبر المصارف اللبنانية سيكون مصدرها، إما من الودائع التي تضعها المصارف لديه (CD’S)، أو من الاحتياطي الالزامي. واجمالاً هو يتصرف بالاحتياطي لانه حساب جارٍ سريع تتغير قيمته أسبوعياً، لارتباطه مباشرة بما سحب ووضع في البنوك من ودائع.

الأكيد أن مصرف لبنان يستعمل في عمليات الدعم “الدولارات الطازجة”. إلا ان المتبقي منها، هو الأساس الذي عليه يتحدد الزمن المتبقي قبل الدخول في المجهول. وذلك بغض النظر إن خفّض الحاكم هذه النسبة من 15 إلى 10 أو 7 في المئة، أو وَضَع التخفيض بمفعول رجعي ليوم، لشهر أو لسنة. إذ إنه لا دولارات جديدة دخلت المصارف منذ نهاية العام 2019.

 

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةقطاع المفروشات… على «الحصيرة»: الصناعة الوطنيّة… حرفة من الماضي
المقالة القادمةتصنيع اللقاح الروسي “سبوتنيك V” في لبنان!