كشفت سبعة صناديق أسهم صينية، بما في ذلك صناديق التحوط وصناديق الاستثمار المشتركة، التي تدير أصولا مجتمعة تبلغ أكثر من 500 مليار دولار، الثلاثاء أنها زارت الشرق الأوسط هذا العام لجمع الأموال، ثلاثة منها للمرة الأولى.
ويحرص المستثمرون في الخليج أيضا على تخصيص المزيد من الموارد للصين، حيث يمكنهم الاستفادة من التقييمات المنخفضة وتأثيرات التحفيز الحكومي لدعم التعافي.
وأدى تراجع المستثمرين والشركات الأميركية عن الصين بسبب مجموعة من المخاطر بدوره إلى دفع الصناديق الصينية إلى البحث في أماكن أخرى لتقليل اعتمادها على الاستثمار المتدفق من الغرب.
ويؤثر البحث عن رؤوس أموال جديدة على مشهد صناديق التحوط في آسيا، حيث تمثل الشركات الصينية أكثر من نصف السوق. ويمكن للوسطاء والشركات المساعدة تغيير تركيزهم لتوفير الخدمات المتعلقة بالشرق الأوسط.
وقالت إيفي فاسيلوبولوس الرئيس المشارك لمجموعة صناديق الاستثمار في آسيا والمحيط الهادئ التابعة لشركة المحاماة سيدلي أوستن لرويترز “في الماضي ربما كانت الولايات المتحدة هي الكأس المقدسة لجمع رأس المال”.
لكنها أشارت إلى أنه “إذا غادر المستثمر الأميركي، فهناك تركيز حقيقي على استبدال ذلك برؤوس أموال أخرى لا تتعرض لمخاطر التوتر بين الولايات المتحدة والصين. ولذا فإن هذه الديناميكية تقود العديد من عملائنا إلى الشرق الأوسط”.
وتحدث مدراء أربعة من الصناديق السبعة التي تزور الشرق الأوسط بشرط عدم الكشف عن هويتهم، حيث أنهم لم يجذبوا استثمارات جديدة بعد. لكن الاستقبال الحار جعل المدراء يشعرون بتحول أعمق.
وقال ستيفن لوك الرئيس التنفيذي لمؤسسة فاونتن كاب للأبحاث والاستثمار، أحد الصناديق السبعة، التي زارت الشرق الأوسط العام الحالي، إن “المعنويات تجاه الصين هي الأكثر إيجابية بين مستثمري الشرق الأوسط مقارنة بمجموعات المستثمرين الآخرين”. وأضاف “بعض صناديق الثروة السيادية تبالغ في وزنها للصين فمسؤولوها يتحدثون أكثر عن كيفية اللعب مع الصين بدلاً من: لماذا الصين؟”.
وقامت شركة إدارة الأسهم طويلة الأمد، والتي تستثمر في الصين منذ 2015، بمضاعفة حجم أصولها تقريبا إلى 2.1 مليار دولار منذ نهاية العام الماضي، وهو ما عزته إلى التدفقات الواردة في الغالب من أوروبا ولكن أيضًا من الشرق الأوسط.
وكخطوة تالية، تريد الشركة بناء علاقات في أستراليا لزيادة رأس المال. وقال إيرين وو، رئيس علاقات المستثمرين في شركة أو.بي أنفيستمنت مانجمنت، وهي منصة لصناديق التحوط في هونغ كونغ، إن “العديد من المستشارين اتبعوا ذلك لتوسيع وجودهم في الخليج أيضًا”.
وعززت صناديق سيادية كبيرة في منطقة الخليج محافظها من الأسهم الصينية في الأشهر الأخيرة. ويقول خبراء إن شهيتها تتزايد مع تحسن العلاقات التجارية والدبلوماسية بين الجانبين.
وأصبح جهاز أبوظبي للاستثمار، وهو أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، مساهما رئيسيا في شركتي الفحم والطاقة تشاينا شينخوا إنرجي وسيجين ماينينج في الربع الأخير من العام الماضي، كما رفع الاستثمارات في أسهم صينية أخرى.
وعززت الهيئة العامة للاستثمار الكويتية مراكز أعمالها في كل من مطار شنتشن وأنجل ييست للخميرة ومعالجة الأغذية خلال الربع الرابع من 2022.
كما دخل صندوق الثروة السعودي السباق بحثا عن أسهم في شركات صينية، حيث اشترى في منتصف فبراير الماضي حصة بقيمة 265 مليون دولار في شركة الألعاب الإلكترونية في.أس.بي.أو المدعومة من عملاق التكنولوجيا تنسنت.
ووفق تقديرات الشركة الصينية، تعد هذه الصفقة أكبر استثمار مباشر في قطاع الألعاب الإلكترونية وستصبح شركة سافي المملوكة للصندوق السيادي السعودي أكبر مستثمر في شركة في.أس.بي.أو.
ومع أن الاستثمارات لا تعكس بالضرورة اتجاها أوسع نطاقا، إلاّ أنها تتزامن مع تكثيف الجهود في الصين لاجتذاب أموال الشرق الأوسط ومع مساعي بكين لتسوية عقود النفط باليوان، الأمر الذي يخلق طلبا بين بائعي النفط على الأصول المقومة بالعملة الصينية.
كما تأتي في وقت يرصد فيه مدراء الاستثمارات تحولا إيجابيا في المعنويات تجاه الصين في الخليج، بينما تُبقي الكثير من الصناديق الأجنبية الأخرى على تشككها أو إحجامها عن الاستثمار في الصين.
وتبدو المراكز المالية وزخم أعمال الصناديق السيادية الخليجية أفضل بكثير خلال هذا العام بسبب متوسط أسعار النفط البالغة نحو 80 دولارا للبرميل، وربط العملات الخليجية بالدولار.
وكانت الصناديق الخليجية قد ضاعفت استثماراتها في الدول الغربية، ومن بينها أوروبا والولايات المتحدة، لتقفز من نحو 12.8 مليار دولار في 2021 إلى 51.6 مليار دولار بنهاية العام الماضي.
ولم يكن من الواضح ما إذا كان الصراع بين حماس وإسرائيل من شأنه أن يسرّع التحركات بين المستثمرين في المنطقة لتخصيص أموال خارج الولايات المتحدة، ولكن الآراء حول القيمة الحالية للأسواق الصينية ذات الأداء الضعيف قد انقسمت لأشهر.
وعلى سبيل المثال، قام كبار المستثمرين الأميركيين، مثل معاشات المعلمين في تكساس ونظام تقاعد المعلمين في ولاية كاليفورنيا، بخفض تعرضهم للأسهم الصينية في العام الماضي. ومع ذلك، كانت الصناديق السيادية في الشرق الأوسط من المشترين الكبار. وانخفض مؤشر أم.أس.سي.آي للصين بنسبة 11 في المئة خلال العام الجاري، مقابل مكاسب بنسبة 8 في المئة للأسهم العالمية.
وقال وونغ كوك هوي مدير تكنولوجيا المعلومات في شركة أي.بي.أس أسيست مانجمنت ومقرها سنغافورة “إنه قرار إستراتيجي – استثماري – سياسي”. وأوضح أن الصين تبدو رخيصة، وفي الوقت ذاته يعتقدون أنهم في حاجة إلى التنويع بعيدًا عن الولايات المتحدة.
ويرى وونغ أنه قد يكون من السابق لأوانه التنبؤ بكيفية تأثر تدفقات الأموال في الأشهر المقبلة من الصراع في الشرق الأوسط، لكن الإستراتيجية طويلة المدى للمستثمرين في الشرق الأوسط لزيادة تعرضهم للأصول غير الدولارية لا ينبغي أن تتغير كثيرا.
وأكد أنه إذا كان هناك أي شيء، فقد تتسارع الوتيرة في البيئة المتقلبة الجديدة حيث سيكون لدى الدول المنتجة للنفط، التي تستفيد من ارتفاع أسعار النفط، المزيد من الإيرادات للاستثمار.