الافتقار إلى أدوات تصنيع الرقائق يعوق طموح الصين

تخطط الصين للتفاخر لمساعدة قطاع الرقائق في التغلب على قيود التصدير الأميركية، لكن المال لا يمكنه أن يفعل الكثير إلا إذا تمكنت الشركات الصينية من الخروج من دائرة تعوق الابتكار وتحبسها عند الحد الأدنى من القيمة.

وكانت الحكومة قد خصصت في ديسمبر الماضي 140 مليار دولار يمكن أن تشمل دعم شراء معدات صناعة الرقائق المنتجة محليا، في محاولة لدرء القيود الأميركية المشددة.

وجاءت خطة الدعم المالي لشركات القطاع بعد شهرين من إقرار وزارة التجارة الأميركية مجموعة من اللوائح التي يمكن أن تمنع مختبرات الأبحاث ومراكز البيانات التجارية من الوصول إلى رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة.

وتطمح بكين إلى أن تسهم الخطوة في بناء جدار دفاعي أمام الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة، إذ من المرجح أن يستفيد منها المصنعون مثل شركة شنغهاي ميكرو إلكترونيكس (أس.أم.إي.إي) المتخصص الوحيد في الطباعة الحجرية لأشباه الموصلات بالبلاد.

ويرى صناعيون صينيون أن التمويلات التي خصصتها الحكومة لا تكفي لمجاراة المنافسين الغربيين الذين يسعون للسيطرة على سوق عالمي آخذ في النمو.

وخلال العقد الماضي نمت صناعة أشبه الموصلات من نحو 315.4 مليار دولار في العام 2013 لتنهي العام الماضي عند 676 مليار دولار.

وعلاوة على ذلك، وصلت قيمة أو محتوى الرقائق المستخدمة في الأنظمة الإلكترونية إلى مستوى قياسي بلغ 33 في المئة خلال عام 2021، مقارنة بنحو 26 في المئة بنهاية عام 2010.

ويشرح الصناعيون احتمالات فشل خطط بكين إلى أن شركة أس.أم.إي.إي وأقرانها المحليين يورّدون بشكل أساسي إلى مسابك الرقائق المحلية فقط.

ويؤكدون أيضا أن عدم الوصول إلى مرافق تصنيع الرقائق المتقدمة مثل شركة صناعة أشباه الموصلات التايوانية (تي.أس.أم.سي)، التي تعد أكبر مصنع للرقائق في العالم، وسامسونغ الكورية الجنوبية، جعل من الصعب عليهم حل المشكلات الهندسية بشكل مستقل.

ونسبت رويترز إلى مارك لي الذي يتابع قطاع الرقائق في الصين في شركة بيرنشتاين للأبحاث قوله إن “هذا يمنع أي تقدم يحرزونه في البحث والتطوير من الدخول في الإنتاج الضخم، ويحد أيضا من تعلم المزيد من الحيل في التجارة”.

وتماما كما هو الحال في صناعة الطيران، يعمل مصنعو معدات صناعة الرقائق بشكل وثيق مع الزبائن، ويقدمون خدمات طويلة الأجل بما في ذلك التركيب والمعايرة والصيانة والإصلاح للآلات التي يمكن أن تكلف أكثر من 100 مليون دولار لكل منها.

ويمكن أن يؤدي هذا التعاون إلى مشاركة كبيرة في المعرفة التي تساعد كلا الجانبين على التقدم التكنولوجي.

وفسرت مصادر عملت سابقا في أس.أم.إي.إي، وشركات صينية أخرى في مجالات مثل النقش لرويترز، أن الحواجز أمام الدخول لم تكن عالية جدا حتى أصبحت سلاسل التوريد أكثر عالمية والهندسة أكثر تعقيدا.

كما أشاروا إلى أن السوق محاصر من قبل شركات مثل عملاق الطباعة الحجرية الهولندي (أي.أس.أم.أل)، التي تسيطر على الآلات التي تصنع الرقائق.

وتوقعت مؤسسة بلومبرغ إنتليجانس أن تؤدي القيود الأميركية إلى تراجع نمو أس.أم.إي.إي أكبر شركة صينية لصناعة الرقائق الإلكترونية إلى النصف خلال العام المقبل.

وقال مهندس سابق في أس.أم.إي.إي، لم تكشف رويترز هويته، إن “الإدارة العليا في أس.أم.إي.إي بقيادة مسؤول تنفيذي لشركة كهرباء حكومية أطلق الشركة في عام 2002 ولم تكن لديها خبرة في الطباعة الحجرية”.

وأوضح أن موظفي الشركة قاموا ببناء آلاتهم الأولى عن طريق شراء ودراسة المعدات المستعملة وقراءة براءات الاختراع والأوراق العامة.

وتقدمت الشركة بما يكفي لإنتاج آلة يمكنها طباعة أنماط دوائر صغيرة تصل إلى 90 نانومتر على رقائق السيليكون بعد عقدين من الشركة الهولندية، وتم الترحيب به باعتباره إنجازًا محليا، وفي عام 2018 فاز بجائزة الحكومة المحلية.

وقال المهندس إن “أس.أم.إي.إي لم تحرز أي تقدم كبير منذ ذلك الحين، ويرجع ذلك جزئيا إلى صعوبات في شراء المعدات من الخارج”. وأضاف “حتى لو تمكنا من بناء الآلات، لما عرفنا كيف نقوم بصيانتها”.

وروى موظف كبير سابق آخر في إحدى الشركات المصنعة لمعدات صناعة الرقائق الصينية أنه أثناء العمل على إتقان إجراء النقش على رقاقة دي-أن.أي.أن.دي فلاش 3، لم تستطع الشركة إتقان عنصر حاسم، وهو فتحة القناة، أو حجم الثقب.

وقال الموظف لرويترز “كنا نعرف ما يلزم للقيام بذلك، لكننا كنا مقيدين بقدرات تصميم المعدات ولقد حل منافسنا الأميركي ذلك بالفعل”.

وحث صناعيون على إعادة التفكير بشكل كامل في الطريقة التي يمكن للصين أن تلحق بها عبر التركيز على الشكل الذي يمكن أن تبدو عليه الحقبة التالية من صناعة الرقائق بدلاً من التنافس مع أقرانهم في الخارج في محاولة جعل الدوائر على الرقائق أكثر كثافة.

وفي أواخر الشهر الماضي ، نشر اثنان من كبار الأكاديميين من الأكاديمية الصينية للعلوم مقالا يدعو إلى إعادة تركيز الجهود على البحث والتطوير للتكنولوجيا والمواد الجديدة، بدلاً من محاكاة التكنولوجيا الحالية من الخارج.

ومن خلال جمع براءات الاختراع وإدارة استخدامها في الخارج، كتب المؤلفان “يمكننا وضع نقاط الاختناق الخاصة بنا والحواجز في سلسلة توريد الرقائق العالمية، وإنشاء تدابير مضادة، ونأمل في حل نقاط الضعف التكنولوجية الحالية”.

في غضون ذلك، أصبحت شركات الرقائق الصينية أكثر عزلة منذ القيود التي فرضتها إدارة جو بايدن، والتي منعت الشركات الأميركية مثل لام ريسيرش كورب وأبلايد ماتيريالز إنك من توريد معدات يمكنها إنتاج رقائق متقدمة نسبيًا دون ترخيص.

وربما يتفاقم الوضع بالنسبة إلى الشركات الصينية إذا اتفقت اليابان وهولندا مع الولايات المتحدة على تقييد صادرات معدات صناعة الرقائق إلى الصين.

وقال مهندس في شركة صينية لتصنيع رقائق الذاكرة لرويترز “عندما صدرت العقوبات اتبعت جميع الشركات الأميركية”. وأضاف “عندما اشترينا معداتنا، اعتدنا الحصول على خدمة العملاء. أما الآن لا يمكننا حتى الحصول عليها بسبب العقوبات”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةانطلاق معرض دبي المتخصص اليوم وسط تطلع لجذب استثمارات في القطاع
المقالة القادمةسوفت بنك تطرح وحدتها آرم للرقائق في نيويورك