الاقتصاد العالمي في قلب معركة تجارية جديدة اسمها المعادن النادرة

تغذي دوافع اهتمام الصين بتوسيع استثماراتها في المعادن النادرة معركة تجارية جديدة مع الدول الغربية ستكون الشركات التي تدخل في صناعتها مثل هذه المواد أكبر متضرر منها على الأرجح. وتبدو الأوضاع مقبلة على انقلابات جذرية تماما نتيجة اعتزام بكين تأسيس شركتين عملاقتين لتعدين المعادن الأرضية النادرة، من أجل زيادة قدرتها على التسعير في الأسواق العالمية.

ونقلت وكالة بلومبرغ عن مصادر صينية مطلعة، طلبت عدم الكشف عن هويتها، قولها إن “الحكومة تهدف إلى توحيد كافة شركات تعدين ومعالجة المعادن النادرة تحت مظلة شركتين كبيرتين، أحدهما في الشمال والثانية في الجنوب”. وبحسب المصادر ستشرف الشركة التي ستقام جنوب البلاد على المعادن النادرة المتوسطة إلى الثقيلة، فيما ستتولى شركة الشمال السيطرة على كافة المعادن الخفيفة.

ولم يتضح موعد استكمال الدمج بين شركات تعدين المعادن النادرة في البلاد، في الوقت الذي تجري فيه الحكومة حاليا مراجعة لسياستها الخاصة بالمواد الخام النادرة، حيث تتحكم الصين في معظم إنتاج العالم من تلك المعادن. ووفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية، فإن الصين كانت في عام 2019 مسؤولة عن 80 في المئة من واردات الأرض من المواد النادرة بإنتاج 120 ألف طن، تلتها أستراليا بنحو 20 ألف طن ثم الولايات المتحدة بنحو 15 ألف طن على الرغم من انخفاض الصادرات العام الماضي جزئيا بسبب الأزمة الصحية.

ويرى خبراء أن التكنولوجيا اللازمة لتكرير وتنقية هذه المواد تعد سلاحا قويا بيد الصينيين يمكن استخدامه لحماية مصالح أكثر من المعادن النادرة ذاتها، كما يتطلعون إلى حظر بيع التكنولوجيا لبعض الدول أو الشركات. ويأتي هذا التوجه بينما تتطلع الولايات المتحدة وأوروبا إلى تطوير إنتاجهما الخاص من هذه المعادن وسلاسل الإمداد وتنويع مصادر الاستيراد بمعزل عن الصين.

وبذل الأميركيون محاولات سابقة للظهور من جديد كلاعب مهيمن في سلسلة إمداد الأرض بالمواد النادرة المسؤولة عن بعض أهم المواد المستخدمة في إنتاج السيارات الكهربائية وصنع البطاريات وأنظمة الطاقة المتجددة وتصنيع التكنولوجيا.

وتحت إدارة الرئيس جو بايدن، تلقى الجهد تركيزا متجددا مع استثمارات ضخمة مخططة في تكنولوجيا تغير المناخ واتخاذ موقف متشدد تجاه المنافسة الاقتصادية القوية التي تشكلها الصين. وتعمل بكين منذ سنوات على إعادة هيكلة هذه الصناعة في إطار ست شركات تسيطر عليها الدولة، وتأمل من خلال عملية الدمج إلى الاحتفاظ بهيمنتها على إنتاج هذه المعادن ذات الأهمية الاستراتيجية، والتي تسيطر على 70 في المئة من إنتاجها. وتتحكم الصين في إنتاج معظم المواد النادرة التي تتكون من 17 عنصرا تُستخدم في أغلب الصناعات الحديثة من الهواتف الذكية إلى الطائرات المقاتلة، مما يعطيها تفوقاً في هذا المجال. وبالإضافة إلى ذلك، تعمل الصين بقوة لفرض هيمنتها على تلك الصناعات التي تسعى لتأمين طرق للإمدادات في حال تم فرض قيود عليها.

وكانت المعادن قاب قوسين من استخدامها كسلاح في الحرب التجارية التي دارت بين واشنطن وبكين خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب عندما أعلنت الصين في 2019 عن خطتها لوقف شحنات المعادن للإضرار بالاقتصاد الأميركي. وبينما استقدمت الولايات المتحدة نحو 80 في المئة من وارداتها من المعادن النادرة عام 2019 من الصين، استورد منها الاتحاد الأوروبي 98 في المئة من حاجاته، وفق ما جاء في تقرير للمفوضية الأوروبية الصادر في سبتمبر الماضي.

واعتبر خبراء أن هذا يعد بمثابة إشارة إنذار في ظل عملية التحول في مجال الطاقة. وقالوا إن النمو المتزايد المرتقب في الطلب على المعادن المتعلقة بالتكنولوجيا الخضراء يشكل ضغطا عليهم، إذ يتحتم التدقيق في نقاط ضعفهم والتحرك، سواء بالنسبة إلى المعادن النادرة أو غيرها من المواد الأولية الاستراتيجية.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالصين تجرّم العملات المشفرة
المقالة القادمةفاتورة الانهيار المالي عنوان صدام جديد بين اللبنانيين والحكومة