الانتفاضة تصل إلى جمعية المصارف!

هل نحن أمام انقسام مصرفي حيال طريقة التعامل مع الأزمة، أم أن ما يجري بين المصارف هو انعكاس للخلاف السياسي حول خطة التعافي وبرامج الحكومة المفترضة من قبل رئيسها نجيب ميقاتي للعمل مع صندوق النقد الدولي أو لمشروع إعادة هيكلة القطاع المصرفي نفسه وبرنامج توزيع الخسائر.

ما يجري منذ أيام يعدّ خطوة مسبوقة في تاريخ علاقة المصارف مع مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان، إذ خرجت الى العلن للمرة الأولى أصوات معترضة على إدارة رئيس الجمعية سليم صفير وتفرّده بقرارات تخص الخطط الكبيرة.
ويعقد مجلس إدارة جمعية المصارف اليوم اجتماعاً لمناقشة الانتقادات التي وجّهت لصفير على خلفية تفرّده بتوجيه رسالة إلى صندوق النقد الدولي تقول إن الاتفاق بين لبنان والصندوق على مستوى الموظفين هو غير قانوني وغير دستوري. ومضمون الرسالة كان فيه الكثير مما لا تريد المصارف البوح به أو تبنّيه علناً، ولا سيما لجهة اقتراح بيع الذهب لتغطية الخسائر المتحققة بين مصرف لبنان والمصارف.

وأدّى تسرّب الرسالة إلى الإعلام إلى اعتراضات دفعت بنك عوده إلى التنصّل منها، مشيراً إلى أنه لم يطّلع على مضمونها، وملمّحاً إلى أن الرسالة فيها اعتراف ضمني بأن لا حلّ إلا بتوقيع لبنان برنامجاً مع صندوق النقد لتجنب المزيد من التدمير، رغم أن لديه تحفّظات على ما ورد في الخطّة مع الصندوق.

لكن لم يكن أكبر مصرف في لبنان المعترض الوحيد على الرسالة، إذ إن بنك الموارد أخذ موقفاً تصعيدياً أعلن فيه تعليق عضويته في جمعية المصارف. كذلك كان هناك موقف لبنك البحر المتوسط في السياق نفسه، وقال مسؤولون في المصرف إنهم لم يكونوا على علم بهذه الرسالة ولم يطّلعوا عليها ولم يوافقوا على إرسالها، داعين إلى «تفعيل آلية الحوكمة في مجلس إدارة الجمعية واحترام آلية اتخاذ القرارات، بشكل يُؤمّن مصلحة جميع المعنيين». وآلية الحوكمة هي إشارة واضحة إلى آلية اتخاذ القرار والتفرّد الذي يمارسه صفير مع حلقة ضيقة جداً من مجلس إدارة الجمعية بشأن اتخاذ القرارات المتصلة بتوزيع الخسائر وإعادة هيكلة القطاع المصرفي.

قد يكون سابقاً لأوانه الاستنتاج بأن هذه المواقف، باستثناء موقف بنك الموارد، ولا سيما من بنك عوده وبنك البحر المتوسط، ستأخذ طريقاً نحو التصعيد أكثر. صحيح أن هناك العديد من المصارف التي تعترض على آلية اتخاذ القرارات في الجمعية وعلى سلوك رئيسها، إلا أن الأمر لم يصل إلى درجة الانشقاق عن الجمعية. ويأتي ذلك رغم أن مصالح المصارف متضاربة جداً في هذه الفترة بين مصارف لديها قدرة على الاستمرار، رغم الخسائر الكبيرة التي أصابتها، وأخرى غير قابلة للحياة. كما أن الاعتراضات على سلوك صفير وإدارة الجمعية ليست جديدة، بل هناك الكثير من المصارف التي تعتقد بأن صفير يتحدّث باسم مصالحها، بينما هو لا يسعى إلى هذه المصالح بمقدار ما تهمّه إدارة مصالح مصرفه الخاصة.

وكان مستشار الجمعية كارلوس عبادي، المعروف بأنه متصهين، قد أعدّ هذه الرسالة مقترحاً إعادة توزيع الخسائر بطريقة تتيح للمصارف التنصّل من مسؤولياتها تجاه المودعين، وتربط بين المسؤولية الائتمانية على الودائع، وغبائها وجشعها في توظيف الأموال لدى مصرف لبنان والتربح بشكل كبير منه، وإن كان على حساب التفريط بملاءتها المالية.

 

مصدرجريدة الأخبار
المادة السابقةخطة التعافي الى الواجهة: ما مصير المودعين؟
المقالة القادمةإضراب القطاع العامّ يدخل أسبوعه الثالث: الشلل يتمدّد… ولا مبادرات للحلّ