كل ما يمر به اللبنانيون هو نتيجة طبيعية لتواطؤ أهل السلطة الفاسدة مع التجار على سرقة ونهب وتهريب كل ما هو مدعوم، ما يفتح الباب على الفنون بأساليب الغش والتزوير التي تستهدف صحة المواطن من خلال جيبه، ليتناول قوانص الدجاج لحوماً، والابقار المريضة وربما النافقة، فمع غياب الرقابة على كل شيء بدءاً من جنون الأسعار غير المبررة والتي لم تخضع للعقل والمنطق طالما لم يعلن بعد عن رفع الدعم، الى مدى صلاحية هذه السلع لاستهلاك الانسان لها.
فلا وازع لأن يتخطى سعر كيلو لحم العجول المئة ألف ليرة بحجة عدم استلام البقر المدعوم، وسعر كيلو الغنم 150الف ليرة، في وقت ان جميع الابقار والمواشي والاعلاف الموجودة في السوق اللبنانية دخلت بموجب اعتمادات مصرفية على سعر صرف 3900 ليرة، وبالتالي تنتفي مسببات ارتفاع الأسعار الى ما وصلت اليه اللحوم على انواعها من مواشٍ ودواجن، سوى الدلالة على تواطؤ واضح بين المستوردين التجار والقصّابين على رفع الأسعار، وبإبتزاز الناس بابتداع صيغة “لحوم غير مدعومة”، في ظل غياب مراقبي وزارة الاقتصاد وعدم تحديد لائحة اسعار لحماية الدعم.
وفي هذا الخصوص اكد مصدر في وزارة الاقتصاد ان المشكلة في التحوّل الى “كارتيلات” مدعومة أقوى من مؤسسات الدولة، وقال: “للأسف لدى الوزارة شكاوى من قبل قصابين وموزعين ومواطنين، تتقاطع فيها المعلومات أن هذه الشركة وحدها استوردت ما يزيد عن 25 ألف رأس بقر منذ 50 يوماً، ولم تسلّم اكثر من الفي رأس للملاحم، وأنها هرّبت الى سوريا نحو ستة آلاف رأس على مدار شهر ونصف، فيما السلطات تقف متفرجة لان المستورد نافد ومدعوم من احد احزاب قوى الامر الواقع. هكذا تصبح الاعتمادات المصرفية لاستيراد البقر المدعوم هي رأسمال الصفقة أما ما يتم بيعه بسعر السوق السوداء يكون ربحاً خالصاً.
وعن فنون الغش يستعرض عامل في إحدى ملاحم البقاع الاوسط أن صاحب الملحمة يومياً يوزع عاملين لديه على محلات بيع لحوم الدواجن، ليجمعوا يومياً حوالى مئة كيلو “قوانص” بسعر 15 الف ليرة، (حالياً ارتفع السعر مع ارتفاع اسعار لحوم الدجاج)، فيقوم اللحام على خلط كل 2 كيلو لحم (بقايا اللحوم) مع كيلو قوانص واحد، ومن ثم يبيعها تحت اسم “زَور” بسعر مغرٍ مدعوم، وغالبية الذين يشترونه هم من اللبنانيين الفقراء والنازحين السوريين. هذا عدا عن الملاحم التي تشتري الابقار المريضة والتي ذبحت بعد تعسّر ولادتها او نتيجة احتضارها بسبب مرض.