التسديد التدريجي للودائع يُقلّص عدد المصارف ويرفع سعر الصرف من جديد

مجرد حظر “المركزي” على المصارف “استعمال الأموال المودعة نقداً لدى مراسليها في الخارج تطبيقاً لاحكام المادة الثالثة مكرر من التعميم 150″، يعني عملياً “إجبار البنوك على زيادة رأسمالها، ولكن هذه المرة نقداً كي تستطيع التسديد للمودعين”، بحسب الخبير المصرفي ميشال قزح، و”لأن مصارف كثيرة ستعجز عن تلبية هذا الشرط ستضطر إلى البيع أو التصفية والخروج من السوق. وستأكل المصارف الكبيرة التي باعت في الخارج وأمنت رساميل نقدية، معظم السوق. ويكون “المركزي” بذلك قد بدأ إعادة هيكلة القطاع وتصغير حجمه على الطريقة اللبنانية.. أي بـ”الترقيع”. فبهدف تسكير خسارته ألزم “المركزي” المودعين بسحب مبلغ 400 دولار بالليرة على سعر 12 ألفاً وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازية إلى اكثر بكثير من السعر المتداول حالياً”.

هذا السيناريو الذي عمل به في اليونان خفض عدد مصارفها من حوالى 40 مصرفاً إلى 4 مصارف فقط. لكن الفرق أنه في اليونان تم إنشاء “صندوق الاستقرار المالي” ووضع فيه 45 مليار يورو وتمّ فرز المصارف بين جيدة ورديئة. أما في لبنان فان “الخلاف السياسي منع إعادة الهيكلة الشاملة، وظلم 98 في المئة من المودعين الذين كان يجب أن يحيدوا من أي عملية اقتطاع للودائع، وفاقم الإنهيار”، يقول قزح، “سامحاً لـ”المركزي” الإستمرار بإدارة البلد بعيداً من أي خطة واضحة تديرها حكومة فاعلة”.

الخشية الحقيقية هي من أن يكون مبلغ 4800 دولار، مقسماً على 400 دولار شهرياً، هو آخر ما سيناله المودع اللبناني من حساباته المصرفية بالنقد الأجنبي. فالإجراء الذي كان يجب أن يمتد على 5 سنوات، وبسقف 25 ألف دولار، اقتصر على عام واحد، “حدوده الإنتخابات النيابية القادمة”، كما يقول الأمين العام السابق لاتحاد البورصات العربية د. فادي خلف، و”ثمنه تخدير جديد للمودع قبل رفع الدعم، مقابل إلزامه التوقيع على رفع السرية المصرفية. أمّا الـ 400 دولار الأخرى التي سينالها المودع على سعر 12 ألف ليرة فستتآكل قيمتها سريعاً مع التوقع بارتفاع سعر الدولار إلى حدود 20 ألف ليرة، وستفقد سريعاً نحو 50 في المئة من قيمتها”.

النقطة الأهم التي لا تقل خطورة هي تحديد السحوبات بالليرة اللبنانية بـ 400 دولار شهرياً على أساس سعر صرف 12 ألف ليرة، وعدم جواز سحب أي مبلغ آخر بالدولار على سعر 3900 ليرة. وبالتالي خفض سقف السحب من 2000 دولار على أساس سعر صرف 3900 ليرة، أي ما يعادل 7 ملايين و800 ألف ليرة، إلى 400 دولار على 12 ألفاً أو ما يعني 4 ملايين و800 ألف ليرة. وفي جميع الأحوال فإن احتساب الدولار على 12 ألف ليرة يتضمن “هيركات” في الوقت الراهن بنسبة 11 في المئة، وستصل هذه النسبة، بحسب قزح، بعد أسبوع من وضع التعميم قيد التنفيذ إلى “20 في المئة للحد من تحويل الليرة إلى دولار”.

ومع هذا فان القرار بتسديد جزء من الودائع لن يستفيد منه، برأي خلف، العدد الكبير المتوقع من المودعين للأسباب التالية:

– عمد الكثير من المودعين إلى فتح حسابات جديدة بعد 17 تشرين الأول 2019 لتوزيع ودائعهم عليها خوفاً من “هيركات” محتمل. وهذه الحسابات لن تستفيد من التسديد التدريجي للودائع بالدولار لأنها فُتحت بعد 31/‏10/‏2019.

– كذلك الأمر عمد العديد من المودعين إلى نقل حساباتهم من مصرف إلى آخر، إما بسبب مشاكل مع المصرف، وإما بسبب الخوف من إفلاسه نتيجة إشاعات وأخبار متداولة. وهؤلاء أيضاً لن يستفيدوا من التسديد التدريجي.

– عدم رغبة البعض في التضحية بسحب مبالغ كبيرة على 3900 ليرة مقابل سحب 400 دولار فقط على سعر 12 ألف ليرة. خصوصاً أن ما سيناله بالدولار لن يتجاوز 4800 دولار بالعملة الصعبة.

– عدم الرغبة في كشف السرية المصرفية من أجل مبلغ زهيد. وتحديداً لاصحاب الحسابات الكبيرة.

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةحزب سلامة: إسقاط الـ«كابيتال كونترول» بكل الطرق
المقالة القادمةلجنة المال تُنهي الـ”كابيتال كونترول” والأرقام بعهدة الهيئة العامة لمجلس النواب