“التسلّط” المصرفي: كل بنك “فاتح على حسابه”!

بسرعة قياسية انتقل القطاع المصرفي في لبنان من “حجر زاوية” بناء الإقتصاد إلى “السندان” الذي تتكسّر عليه كل الانجازات المحققة. وبعيداً عن القرارات المصيرية المتصلة بإهمال إعادة هيكلة القطاع عمداً، فان المصارف “فتحت على حسابها”، ولم يعد هناك معيار موحّد تعمل عليه، الأمر الذي انعكس سوءاً في التعامل مع عملائها. فالمودعون يتفاجأون يومياً بقرارات واجراءات تنظيمية تهدف إلى تقليص الخدمات من ناحية، ووضع بدلات مادية مرتفعة على المتبقي منها من ناحية ثانية. ولا توفر بعض المصارف بحسب الكثير من الحالات فرصة لإجبار المودعين على توقيع تنازلات عن حقوقهم وتفويض المصرف التصرف بحساباتهم مثلما يراه مناسباً.

معلوم أنّ المصارف باتت تستغل التعاميم المتتالية الصادرة عن مصرف لبنان، ومنها تحديداً التعميمان 148 و158، واضطرار المودعين للتعامل بالشيكات المصرفية، لتمرير شروطها. ومن لا يقبل أمامه حلان: إما حظر حسابه لإخضاعه، واما إقفال الحساب وتسديده بشيك مصرفي. وأمام رفض بقية البنوك فتح حسابات مصرفية جديدة يضطر الكثير من المودعين إلى الخضوع. أما من تسوّل له نفسه التقدم بشكوى، فسيضيع وقته وجهده وماله أمام المحاكم، حيث قضاء العجلة لم يعد يحبّذ قبول الدعاوى على المصارف بحجة أن المشاكل مع البنوك لم تعد تأخذ صفة الاستعجال. وفي حال قبول الدعوى وطلب التنفيذ السريع واتخاذ التدابير الاحتياطية، كما حصل في قضايا التحويلات للطلاب في الجامعات الخارجية في الفترة الماضية، فيتم الاستئناف من قبل المصارف و”تموت” الدعاوى في أدراج المحاكم.

في المحصلة، نجحت الأزمة المدعومة بتعمّد تغييب الاصلاحات في تحويل القطاع المصرفي إلى “متسلّط”، ما دفّع اللبنانيين بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام أكلافاً باهظة نتيجة تخطي معايير العمل المصرفي السليم في الشكل والمضمون.

 

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةوزارة العمل تُحدد مواعيد عملها الجديدة… «إلى حين انفراج الأزمة»
المقالة القادمةتجمّع الأطباء: لإعلان لائحة معارضة وإقرار انتفاضة الأطباء